أم درمان: الجموعي
جبريل إسماعيل أحمد حمودة من مواليد 1956 قرية (قباء) بالجزيرة أبا وهو من أهالي (دار حامد)، وهو أحد الشهود العيان لأحداث ودنوباوي بأمدرمان، وهو من تربى في سرايا الإمام الهادي المهدي بود نوباوي، وكان والده خفيراً للسرايا.
وعن أحداث ود نوباوي يروي حمودة: ” الإمام الهادي أعطى رسالة لعمنا قريب الله ليسلمها إلى سكرتير شباب الأنصار بالعاصمة قاسم مكي ومفادهاعمل موكب سلمي تنديداً بالمجزرة وذلك عقب ضربة الجزيرة أبا ، وغادر قريب الله بالمركب بمنطقة الحصى غرب الجزيرة أبا، ومكث في الطريق يومي الجمعة والسبت ووصل إلى منزل الإمام بود نوباوي مساء الأحد.. وكان قاسم مكي مختبئاً من أجهزة أمن مايو في منزل الإمام وأنا كنت أحمل إليه الطعام.
ويتذكر حمودة تفاصيل ذلك اليوم: صلينا الصبح يوم الإثنين في جامع ود نوباوي وخرج موكب الأنصار، لأننا تعاهدنا على الإلتفاف حول الإمام ومبايعته على الجهاد في سبيل الله، كما بايع أجدادنا الإمام المهدي على السمع والطاعة.
يقول حمودة إن الموكب كان منظماً للغاية، وكان الأنصار يلبسون الزي الأبيض (العلي الله)، وبعضنا يحمل سيوفاً والآخر عصي، وكان هناك حراس من الأنصار يمنعون دخول أي شخص من الخارج.. ويواصل: لم نستفز أو نتعدي على أحد.. تسللنا بصينية أزهري حتى كبري النيل الأبيض ووجدناه مغلقاً.. وقال لنا قاسم ما عندنا توجيهات نقاوم، فرجعنا بشارع الأربعين حتى التجاني الماحي، ومررنا بالمحطة الوسطى وحي العمدة وشارع الدومة وصولاً إلى ود نوباوي. بعدها وصلنا إلى الجامع وتجمعنا في الميدان خارج الجامع ورددنا نشيد الأنصار..
ويواصل حمودة سرد التفاصيل: في الكبري المقابل انتشر الجيش بثلاثة عربات كوامر وواحدة جيب.. ونزل الضابط المسؤول عن القوة من عربته ولوح لعساكره بعصاه ناحية اليمين واليسار فأخذوا الساتر وبدأوا الضرب بالذخيرة الحية. أما نحن الأنصار فاستلقينا على الأرض لإتقاء الرصاص المنهمر.. وقام الأنصار بالهجوم على عساكر الجيش وانقضوا عليهم وقضوا على جميع الموجودين في الكوامر الثلاثة وعددهو حوالي (35) عسكري وقاموا بأخذ أسلحتهم. بعد ذلك قرر (ناس مايو) الإنتقام فأرسلوا عربة مصفحة (صلاح الدين) إلى منطقة الكبري وفتحوا النار على الأنصار في الخور.
ويواصل حمودة: عمنا قاسم مكي كان إبنه يعمل في الجيش، وعندما سمع بما حدث جاء وصعد في مئذنة المسجد ووجه سلاحه نحو الإرتكازات في منطقة ود أرو.. ومن المشاهد التي لا أنساها أن هناك لمبة كانت معلقة في مئذنة الجامع ومنذ يوم الأحداث أنطفأت ولم تعد تضئ.
ويروي أن هناك أعداد كبيرة من الانصار استشهدوا في هذه الاحداث، وحتى الذين وجدوا في المسجد تم ضربهم. وقرب الميدان كان هناك مجموعة من المعاقين حركياً يسكنون في الناحية الجنوبية الشرقية لم يستطيعوا الخروج من أماكنهم فتم حرقهم بعد ضرب أماكن سكنهم.. بعدها فرض الحصار على الحي، وكان الناس لا يستطيعون الدخول أو الخروج حتى أن الانصار من دارفور والنيل الأبيض والشمالية قاموا بإرسال النساء حتى يعرفوا ماذا حدث.
إفادات على لسان الشاهد العيان:
– إنقلاب مايو قام به الشيوعيون.. وعبد الخالق والشفيع بالتحديد أتوا بالنميري في الواجهة حتى يحدث لهم التمكين وبعد ذلك تتم تصفيته، وهذا يتيح لهم بث الشيوعية في الدول الإسلامية..” وبالمناسبة نميري تربي في بيت الإمام عبد الرحمن”..
– قيادات مايو أرسلوا عدة وفود للإمام الهادي عندما ذهب إلى الجزيرة أبا، منهم أبو القاسم محمد إبراهيم وبابكر النور وفاروق حمدنا الله وهاشم العطا، ليجدوا التأييد منه لسلطتهم. وكان الإمام في ذلك الوقت يلقي كالمعتاد الدرس في منطقة (طيبة).. قال لهم ليس عندي مانع ولكنه طرح سبعة شروط منها (4) أساسية وهي الحكم بكتاب الله، طرد الشيوعيين من السلطة، إطلاق سراح المعتقلين ورجوع الجيش لثكناته.
– الشئ الغائب عن ذهن الشعب السوداني أنه في اليوم التالي لرجوع قيادات مايو من الجزيرة أبا، أصدر نميري بياناً قال فيه وجدنا الدستور الإسلامي في ورقة صفراء ومزقناه، وسنضرب الرجعية بيد من حديد.. وعندما جاء أبو الدهب إلى الجزيرة أبا أكرمه الإمام بذبخ (50) خروفاً.
Discussion about this post