
مبالغ فلكية لرسوم التقديم: الجامعات.. مصانع عقول أم مخازن سلع؟!
تقرير/ سودانية ديلي
من باب التهكم على الرسوم الفلكية التي فرضتها الجامعات لقبول الطلاب.. علق أحدهم بالقول: “أي طالبين تلاتة يتلمو ويعملو مشروع ربحي.. لو نجح في خلال سنة الحمد لله ارجع واصل جامعة ويكون عندك مشروع.. لو ما نجح!!؟ اعتبر نفسك قد أعدت السنة repeat في الجامعة”..
علق البعض بالقول إن التعليم في السودان صار “سكة عطش”.. مدللين على ذلك بارتفاع رسوم كليات مثل الطب والهندسة الكهربائية إلى 25 مليون جنيه.
أصبحت رسوم الجامعات في السودان عبئاً لا يطاق وجشع يرهق الطلاب وأسرهم، وبدلاً من أن يكون التعليم رسالة وخدمة للوطن، تحول في كتير من المؤسسات إلى تجارة تبحث عن الأرباح على حساب مستقبل الشباب.
وراجت منشورات من وحي نتيجة القبول للجامعات السودانية لم تجد من يؤكدها أو ينفيها تشير إلى عزوف 40% من الطلاب للتقديم للجامعات (الحكومية) السودانية.. وبلغ عدد المتقدمين للجامعات السودانية من طلاب الشهادات العربية والأجنبية أقل من ألف طالب وطالبة.. كلية التربية فيزياء/رياضيات جامعة أمدرمان الإسلامية ، لم يقدم لها أحد.. بلغ عدد الطلاب (المخطط) لقبولهم في 3 من أقسام كلية الزراعة – جامعة أمدرمان الإسلامية ، فقط 8 طلاب لكل قسم ، ورغم عن ذلك لم يتقدم لها أحد.. تم قبول طالب واحد في جامعة السودان ، كلية الهندسة قسم الصناعات الجلدية.. لم يتقدم أحد من الطلاب لعدد من أقسام كليات الزراعة والتربية في عدد من الجامعات.. تقدم لجامعة أفريقيا العالمية عدد 700 طالب/ة من أصل 4,700 طالب/ة من الشواغر.. تقدم لجامعة الأحفاد للبنات عدد 128 طالبة ، من أصل 1,020 فرصة متاحة.. تقدم لجامعة العلوم الطبية والتكنلوجيا عدد 37 طالب/ة ، من أصل ال1055 مقعد المتوفرة.
○ منصات عقول لا مخازن سلع
كتب عثمان كسلا Osman Kasala منشورا بعنوان: وزارة التعليم العالي…(الاستثمار في العقول أم المتاجرة بها؟)
جاء في المنشور:
أيعقل أن تتحول جامعة الخرطوم – أعرق مؤسسات التعليم في السودان – إلى متجرٍ يبيع مقاعد كلية الطب بـ ٢٥ مليون جنيه وكأنها سلعة في رف سوبر ماركت؟ أيعقل أن تتراوح رسوم الجامعات الحكومية الأخرى بين ٦ إلى ٨ ملايين جنيه، بينما طلاب هذا البلد يأتون من بيوت نزوح، وأسرهم تعيش على أنقاض الرواتب المقطوعة منذ سنين؟
يا وزارة التعليم العالي… أنتم لا تستثمرون في بصل القضارف ولا تديرون حظيرة ماشية؛ أنتم تبيعون مستقبل وطن. الجامعات ليست أسواقًا لتصفية الديون ولا منصات لتعويض خسائر الحرب. الجامعات مصنع عقول، لا مخازن سلعة.
كيف تجرؤون على تحويل حلم الطالب الذي اجتهد وسهر الليالي، إلى صفقة تجارية فاسدة؟ كيف تبررون هذا الجشع بينما أنتم تعلمون أن غالبية الأسر بالكاد تجد قوت يومها؟ هل المطلوب أن يموت الطالب قبل أن ينال حقه في مقعد جامعي؟
السيد رئيس الوزراء د. كامل إدريس، السيد وزير التعليم العالي البروفيسور احمد مضوي موسي ، هؤلاء الطلاب جزء من رعيتكم، وسيسألكم الله عنهم. التعليم ليس منحة منكم، بل حق دستوري ومجتمعي. أنتم اليوم أمام لحظة اختبار: إما أن تنحازوا للطلاب وتصدروا قرارًا يعيد للجامعات هيبتها وللتعليم قدسيته، أو تتركونها تنحدر لتصبح مجرد شركات جشعة لا ترى في الطالب سوى خزينة تمشي على قدمين.. أوقفوا هذه المهزلة قبل أن يتحول الإحباط إلى انفجار ، أوقفوا الاستثمار الرخيص في عقول أبنائنا واخواننا ، أوقفوا تحويل الجامعات إلى سوق نخاسة … التعليم هو أعظم استثمار في السودان… فلا تفرّطوا فيه.
○ معايير تحديد الرسوم
وتساءلت رحاب فرحات: هل أسعار الرسوم الجامعية تتناسب مع الواقع؟
جاء في منشورها:
– التعليم هو استثمار في المستقبل، وهو بوابتنا نحو سودان جديد ومزدهر. لكن يبدو أن هذه البوابة أصبحت باهظة الثمن.
– الآلاف من طلابنا يتخبطون بين حلم الالتحاق بالجامعة وواقع التكاليف التي لا تتناسب إطلاقاً مع الوضع الاقتصادي.
– الكثير من الأسر تضطر لبيع ممتلكاتها “ده لو فضل عندهم ممتلكات” ، أو الاقتراض، أو حتى حرمان أحد أبنائها من التعليم لضمان مستقبل الآخر.
– هذه ليست أرقام، لكنها قصص حقيقية من لحم ودم. قصص شباب يضطرون لترك الدراسة والبحث عن عمل، وآخرين يحاربون يوميا لسد ثغرة التكاليف الإضافية التي تتراكم فوق الرسوم الأساسية.
– تعالوا نطرح تساؤلات مفتوحة للنقاش:
– ماهي العوامل التي تحدد رسوم الجامعات الحكومية والخاصة في السودان؟ وهل هي مبررة في ظل الأوضاع الحالية؟
– ما هي الآليات الحقيقية لدعم الطلاب المتفوقين والمحتاجين؟ وما هو دور الجامعات في تخفيف هذا العبء؟
– كيف يمكن ضمان ان يكون التعليم في السودان حق للجميع، وليس مجرد امتياز للأكثر حظاً؟
– مستقبل السودان مرهون بقدرة شبابه على التعلم والابتكار. لذلك، من الضروري أن يكون توفير تعليم ( من رياض الأطفال والأبتدائي والثانوي والجامعي ) عادل ومتاح أولوية قصوى.
○ خارج التصنيف العالمي
وأثار الأكاديمي السوداني د. تاج السر حسن سليمان، أستاذ مشارك في مجال الحاسوب، جدلاً واسعاً بعد حديثه عن الارتفاع الكبير في رسوم بعض الجامعات الحكومية هذا العام، خاصة في برامج “النفقة الخاصة”، حيث تجاوزت الرسوم نظيراتها في الجامعات الخاصة.
وأشار سليمان إلى أن دراسة الطب في جامعة الخرطوم بلغت نحو 25 مليار جنيه، أي ما يعادل 12 ألف دولار، بينما وصلت الرسوم في جامعة النيلين إلى 8 آلاف دولار، وهو ما اعتبره مبالغاً فيه مقارنة بجامعات إقليمية مثل مصر وماليزيا وتركيا، حيث لا تتجاوز الرسوم السنوية في كليات الطب 4 آلاف دولار.
وانتقد سليمان غياب الجامعات السودانية عن التصنيفات العالمية، قائلاً إن دفع مبالغ ضخمة في مؤسسات لا تحظى بترتيب دولي لا يعد خياراً عملياً، لافتاً إلى أن المبلغ المدفوع لدراسة عام واحد في السودان يمكن أن يغطي تكاليف عامين في جامعات خارجية مع الإعاشة.
ونصح أولياء الأمور باختيار الجامعات التي “صمدت خلال الحرب” وواصلت نشاطها الأكاديمي بمسؤولية، معتبراً أن تلك المؤسسات أثبتت التزامها تجاه طلابها، بينما الجامعات التي غابت عن المشهد “لا تستحق أن تكون خياراً للأسر”.
وأكد أن قيمة الشهادة الجامعية أصبحت رمزية في ظل ثبات المناهج وعدم مواكبتها، مشدداً على أن “العمل هو المحك الحقيقي” وأن التعلم الذاتي يمثل الأساس في بناء الخريج، قائلاً: “التعلم يبدأ حين ينتهي التعليم”.