
أحرف حرة.. إبتسام الشيخ.. “وزارة الداخلية” تُتوج إطار مشروع الدولة في الحكم الراشد
قبل شهور قليلة عندما أعلنت الدولة قرار إستبدال العملة ، رُغم ماشعر به الناس من ضيق وضجر وقتها بسبب شُح و إنعدام الكاش أحيانا ،
كانت النظرة الموضوعية للشخص الواعي المدرك أن نُقلة مطلوبة تحدث في مجتمعنا ،
ولا أبالغ إن قلت إن فوق الخمسة وتسعين بالمائة من العالم حولنا لا يحمل الشخص في جيبه سوى مبلغا يُقدر بأنه تكلفة تحركه بالمواصلات العامة ،
وربما أشياء أخرى بسيطة ،
العالم أجمع يتعامل إلكترونيا ،
التكنلوجيا هي روح العصر إن قاومتها الحكومات أو الأفراد ستكون الدول في مربع الرجعية والتخلف ،
لذا فإن خُطوة وزارة الداخلية ممثلة في الجمارك نحو التحول الرقمي والشمول المالي عبر إعتماد نظام التحصيل الالكتروني خُطوة مطلوبة ، وجيد أنها أتت رًغم تأخرها كثيرا ، وكما قالها نائب مدير الجمارك في تنويره للصحفيين أن تبدأ متأخرا خير من أن لا تبدأ ،
فالجمارك مرتبطة عالميا بالنظام الدولي وكان لا بد أن ترتقي وتُواكب سيما أن العالم قد قطع شوطا طويلا في هذا الإتجاه ، وهنالك الكثير من شركات عابرة للقارات تعمل في التجارة ، لذا وجب أن تتماشى الجمارك مع النسق الدولي في كل عملياتها من تخزين وتعرفة وتحصيل وغيرها ،
والتحصيل الالكتروني بشكل خاص يسهم في تجويد أداء الجمارك وضبط إيراداتها وتعظيمها بالتالي عموم الفائدة على الدولة فضلا عن إبعاد شبح الفساد بكل أشكاله من الرشوة والإعفاءات وغيرها ،
ففي حالة تحصيل المال كاش
تكون فرضية حضور عامل الرشوة وادوات الاحتيال واردة ، أما عبر التحصيل الالكتروني فعوامل الغش والفساد والتحايل غير واردة بنسبة كبيرة ، وحتى إن فكر البعض في ابتكار أساليب أخرى للفساد ستكون محدودة جدا ،
النظام الرقمي والشمول المالي هو تتويج لإطار الشفافية والمحاسبة وقد قصدت الجمارك ذلك ، وهو نظام يُقلل من الاخطاء ويبعد المحسوبية والبيروقراطية ويُنهي الصفوف الطويلة ويُريح العمالة ،
التحصيل الالكتروني ضرورة تقتضيها المواكبة لتطور الحياة والتكنولوجيا ، وهو مشروع دولة لا تنفك مؤسساتها عن بعضها البعض ، وهو جزء من المطلوبات ، معنية بتنفيذه وزارة المالية بشكل أساسي لجهة ولايتها على المال العام ،
وبالمعني المفتوح الكبير فإن مشروع التحول الرقمي والشمول المالي هو بوابة الحكم الراشد الذي ننشده كسودانيين سيما ونحن مقبلين على مرحلة جديدة عقب الحرب تتطلب قدر عال من الشفافية والمحاسبة ومحاربة الفساد الذي قصم ظهر الدولة وأهدر مواردها ،
لذا أتوقع بل وأرجو بعد مبادرة وزارة الداخلية ممثلة في الجمارك التي جاءت من منطلق شعورها بالمسؤولية التي لا تحتمل المذيد من التباطوء في مثل هذا المشروع الحيوي ، أتوقع أن تُسارع الدولة إلى تعميم المشروع وإسناد تنفيذه بسن قانون مُلزم ينص على ألا جمارك ولا تحصيل عموما إلا عبر النظام الرقمي ،
المشروع طُرح في أواخر أيام حكومة الإنقاذ لكن تجربة تطبيقه وجدت مقاومة كبيرة ، قد تكون انطلقت من عدة زوايا ، ربما تخوف المفسدين أو تخوف الذين ليس لديهم مؤهلات ومقدرة على التماشي مع التكنلوجيا من فقد وظائفهم ،
بالتالي قد يُشكل هذا الأمر تحدي أمام الجمارك الآن في تنفيذ توجهها الرقمي ، وقد تُلجأ إلى إجراء تحويل وظيفي للعناصر غير المواكبة ، وأيضا يتطلب جُهد في التركيز على تدريب ورفع قًدرات منسوبيها بإستمرار مواكبة للتطور العالمي ،
التحصيل الالكتروني خُطوة من وزارة الداخلية نرجو أن تكون شرارة ثورة التحول الرقمي على مستوى كآفة المؤسسات في السودان.