
أصل القصية.. محمد أحمد أبوبكر – حواء السودان… حين تُولد النهضة، وتنهض الأمة
> “هي ليست أنثى فحسب… بل نغمةُ وطنٍ خالدة،
منها ازداد النيلُ عزوبةً،
وبين ضفّتيها نبت النخيل،
ومن صبرها صمدت المصورات…
هي من ربت، هي من علّمت، هي من ألهمت،
وإن نادت الأرضُ يومًا بالعزاء… كانت هي العزاء، وهي الرجاء.”
بالأمس ، احتفلت الأمم المتحدة باليوم العالمي لإنصاف نساء القارة السمراء، لكننا في السودان لا ننتظر إشارات من العالم كي نُبجّل حواءنا …
فهي من نُسجت من خيوطها خريطة الوطن، ومن وهجها اشتعلت كرامتنا.
حواء السودان… أمة تمشي على قدمين، تاريخٌ يُغنّى، وراية لا تسقط.
كتبت سِفرها بأطراف أصابعها، لا بأقلام المؤسسات، وزرعت الحلم في شقوق الحرب، لا في دهاليز المؤتمرات.
🔹 من “أماني ريناس” إلى “سعاد الفاتح”: قوافل من المجد تمشي في هيئة امرأة
هل سمعتَ صوت المهيرة حين دوّى الرصاص؟
هل قرأتَ في عيون فاطمة حين واجهت البرلمان؟
هل تأملتَ وقار سامية، وذكاء سعاد، وتوهّج قرناص، وأناقة سناء، وحنكة إلهام؟
إنها ليست أسماء، بل مقامات في سمفونية النضال السوداني…
كلُّ واحدة منهنّ علامة فارقة، كلُّ واحدة منهنّ وتدٌ في خيمة الوطن.
وما حواء إلا الأصل، وما مناداة التمكين إلا اعتراف متأخر لما هو ثابتٌ بالفطرة والوجدان.
🔹 الحربُ اختبرتها… فكانت الأجمل في عزّ الألم
ما بعد الخامس عشر من أبريل، تغيّرت الملامح…
الخرطوم تبكي، والناس تُهاجر، والمدن تنطفئ…
لكن من بقي يُضيء؟
إنها هي…
فتحت التكايا كما تُفتح قلوب الأمهات،
وأشعلت الأفران كما تُشعل النساء مجامر الأمل،
وربّت الصغار كما تُربّى الكرامة في رحم امرأة من طين النيل.
لم تهرب حواء، بل احتضنت الخراب، وغيّرته إلى حياة.
لم تنتظر كاميرات العالم، بل حملت الكاميرا في قلبها، وصوّرت الواقع بالأفعال.
🔹 إضاءة خاصة… لآمنة وكل آمنة في هذا الوطن
وإن كنا نُسطّر هذا المقال حبًّا ووفاءً لحواء السودان،
فلا يسعني إلا أن أُضيء زاويةً خاصة لاسمٍ واحد… لكنه يحمل في طيّاته قصة آلاف النسوة:
آمنة…
زوجتي، شريكة الخوف والصبر، رفيقة الرماد، وسيدة التكية التي أطعمت الوطن وهي جائعة،
وسقت الجيران من جرّةٍ فارغة،
وابتسمت للأطفال حين كانت الدنيا تبكي.
آمنة لم تُقاتل على الجبهات… لكنها كانت الجبهة التي أقاتل من أجلها.
وهي التي ما زالت تُرضع أطفالها الوطنية من حليبها، وتزرع في قلوبهم الانتماء قبل الأبجدية، وتُعلّمهم أن الكرامة لا تُشترى، بل تُصنع.
قد لا يعرفها الناس،
لكن كل سوداني في هذا الوطن له آمنة تشبهها:
أمّ، أخت، زوجة، بنت، أو حتى جارة…
امرأة جعلته عظيمًا وهو منهار،
ومرفوع الرأس وهو محاصر،
يمشي فخورًا وهي تسنده من الخلف دون أن تُرى.
🔹 “الجسر والمورد”: حيث تبدأ النهضة من ضلع امرأة
■في رؤية الجسر والمورد، لا وجود لعبارات “التمكين التقليدي”،
بل هناك اعتراف بدور المرأة كأصل في المعادلة، لا كمجرد مُكمل.
●فهي الجسر حين نُفكّر بالوحدة،
●وهي المورد حين نُعيد النظر في مفاهيم الثروة.
■ليس المطلوب أن نُمنحها فرصة…
بل أن نُعيد إليها مكانتها التي لم تغب عنها إلا حين أعمتنا الغفلة.
فلا وطن يُبنى بيد واحدة… ولا نهضة تقوم على ظلّ امرأة.
🔹 كيف نستثمر كنز حواء؟
ليس سؤالًا تنمويًا، بل نداء حضاري… فحين نُمكّن حواء، نحن نُعيد كتابة التاريخ:
🔸 مجلس نساء النهضة السودانية
منصة تُشبهها، تجمع أمهات المبادرات وصاحبات الرؤى، من كل ركنٍ في السودان، لصياغة مشروع وطني من قلب امرأة.
🔸 صندوق الكرامة النسائية
ليس صدقة، بل دينٌ مستحق للنازحات، وللمُسعفات، وللصامدات، يُدار بنزاهة تُشبه كرامة النساء.
🔸 منصة “ملهمات السودان”
توثيق لنساءٍ صنعن المعجزات دون ضجيج، حوّلن الأحياء إلى جبهات صمود، والمخيمات إلى مدارس حياة.
🔸 مناهج وطنية تُعيد رسم صورة المرأة في وعي الأجيال
مناهج تُعلّم الطفل أن أمه قائدة، لا مُجرّد راعية…
وأن أخته مشروع نهضة، لا مشروع زواج.
أصل القضية:إلى كل نساء السودان: الأمل معقود عليكن
يا حواء…
أنتِ حين تضحكين، تُزهر البلاد…
وحين تبكين، تتصدع الجبال…
وحين تقررين، تتغير موازين الأرض.
فلا تنتظري وعدًا من أحد،
بل اصنعي وعدًا جديدًا لنا جميعًا…
قودي السفينة، وسنكون المجاديف.
> “يا امرأةً من نور الطمي،
ومن طهر النيل،
يا من اختصركِ التاريخ في أغنية،
وسجّلكِ الوطن في صفحة عنوانها (الصبر المُمكن)…
ارفعي رأسكِ عاليًا،
فهذا السودان لن ينهض إلا إذا وقفتِ أولًا.”
– باحث بمركز الخبراء العرب