رأي

أصل القضية/ محمد أحمد أبوبكر.. السودان …العدالة الرسالية والموارد الأخلاقية

* من سلسلة الجسر والمورد

في الخرطوم، في دارفور، في كل زاوية من السودان، ثمة سؤال واحد يطرح نفسه بقوة: كيف نحمي الإنسان حين يصبح المدني هدفًا مشروعًا، وتغيب البوصلة الأخلاقية والسياسية معًا؟

السودان اليوم يختبر القانون الدولي الإنساني على أرض الواقع المليء بالنزاعات، حيث تتصارع القوة بلا رادع والسلطة بلا ضمير، ويظل السؤال: هل ستنجح النصوص الدولية في أن تنقذ ما تبقى من إنسانية، أم ستظل مجرد حبر على الورق؟

هنا يطل علينا فكر “الجسر والمورد” ليمنحنا أدوات لفهم العلاقة بين القانون والمعرفة والموارد والعدالة، لنحوّل الخراب إلى مشروع بناء، والتهجير إلى جسر أخلاقي يربط بين الإنسان والدولة.

القانون الدولي الإنساني: قاعدة الإنقاذ

القانون الدولي الإنساني ليس مجرد نصوص تقليدية؛ إنه خارطة طريق للضمير العالمي والمحلي.

مبادئه الجوهرية:

●التمييز بين المدني والمقاتل،

●الضرورة والتناسب في استخدام القوة،

●حماية الممتلكات والمنشآت الحيوية،

●حظر العقوبات الجماعية والتجويع كأسلوب حرب.

هذه المبادئ ترشدنا إلى أن الحرب ليست مطلقة، وأن لكل فعل حدودًا أخلاقية وقانونية.

الواقع السوداني: الانتهاكات والواقع المأساوي

●تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ترسم لوحة قاتمة:

●قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم قتل جماعية، اغتصاب ممنهج، نهب وتدمير، وحرمان من المساعدات الإنسانية.

●الانتهاكات تمثل خرقًا صارخًا للمواد ٣ و ١٤٧ من اتفاقيات جنيف، وتصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.

لكن الواقع لا يقتصر على الداخل: الدعم الخارجي، بما فيه من تحايل على قرارات مجلس الأمن (١٥٥٦ و ١٥٩١) وحظر السلاح على دارفور، يضاعف من وطأة الانتهاكات، ويجعل القانون الدولي رهينة الإرادة السياسية.

الجسر والمورد: الرؤية الاستراتيجية

هنا يظهر دور رؤية الجسر والمورد:

●تحويل القانون والمعرفة من نصوص جامدة إلى أداة بناء وطنية.

●المعرفة القانونية والأخلاقية هي الجسر الذي يربط الموارد بالعدالة.

●الضمير الوطني هو المورد الحقيقي الذي يحمي الإنسان ويحول السياسات إلى مشاريع أخلاقية.

بدون هذا الجسر، تظل الموارد بلا قيمة، والسلطة بلا ضابط، والدماء بلا معنى.

■ العدالة الرسالية: الأخلاق قبل العقاب

> “حين يغيب القانون مرتين — باسم السيادة والمصالح — يبقى الإنسان هو الحكم الأخير.”

العدالة الرسالية لا تنتظر المحكمة الدولية فقط، بل تبدأ من ضمير كل باحث، كل صحفي، كل مواطن مسؤول، لتعيد ترتيب العلاقة بين السلطة والمجتمع، بين القوة والقيمة.

توصيات رؤية الجسر والمورد

١. تحويل القانون الدولي الإنساني إلى منهج وطني: وضع آليات تطبيق واضحة داخل السودان، وتوثيق الانتهاكات بشكل علمي.

٢. بناء جسر معرفي-أخلاقي بين المدنيين وصانعي القرار: عبر برامج تعليمية وتوعوية، ودورات تدريبية لقوات الأمن.

٣. مراقبة ودعم الالتزام الدولي: متابعة التزامات الدول الخارجية وحظر توريد السلاح، وتحميل المخالفين مسؤولياتهم الدولية.

٤. الاستثمار في الموارد البشرية الأخلاقية: تحويل الخبرة والمعرفة المحلية إلى قوة حماية وطنية، بما يحقق تكامل الحس والعقل والضمير وفق فلسفة الجسر والمورد.

#أصل_القضية،،،

السودان اليوم على مفترق طرق:

إما أن نترك الانتهاكات تتوسع، والقانون يبقى حبرًا على الورق.

أو نبني جسر المعرفة والضمير والموارد ليصبح القانون الدولي الإنساني أداة حماية فعالة، والمعرفة قوة تحويلية، والموارد وسيلة لتحقيق العدالة.

حين يلتقي الوعي القانوني بفلسفة الجسر والمورد، لن نصنع فقط سياسات وإصلاحات، بل سنخلق مشروع نهضة وطنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى