
أصل القضية/ محمد أحمد أبوبكر… الفرد والحشد… المواطن السوداني على مفترق الطرق
من سلسلة الجسر والمورد
“كلما ضعفت الخطوة الفردية، ارتفع مد الحشد. وكلما ارتفع الحشد بلا رؤية، ابتلع أحلام الفرد.”
منذ ديسمبر ٢٠١٨م، وقف المواطن السوداني على أرضية جديدة، أرضية الاحتمالات والمخاطر معًا. خرج إلى الشوارع، رافضًا الظلم، حالمًا بالحرية والكرامة. كانت لحظة توهج الفرد، لحظة شعر فيها كل شخص بأنه قادر على صناعة الفرق. ولكن، مع كل خطوة، كانت الثورة تعلمنا درسًا قاسيًا: الفرد وحده هش، والحشد وحده جامح.
توالت الأحداث: حكومة الثورة حاولت رسم خريطة جديدة للسلطة، لكن الحشد الشعبي اكتسب قوة غير مسبوقة، قوة استهلكت مساحة الفرد، وأطاحت بأحلامه الصغيرة والكبيرة. حين وصلنا إلى أبريل ٢٠٢٣م، انفجرت المواجهات العسكرية والسياسية، ووجد المواطن نفسه يتحسس موطئ قدمه في خضم دوامة الحشد والجماعات المسلحة، في لحظة يشعر فيها كل فرد أنه صغير، بينما الحشد يبتلع كل ما هو حلم، كل ما هو أمل.
تخيل الشارع: صرخات الحرية تتلاقى مع أصوات المدافع، شعارات العدالة تتشابك مع رصاص الفوضى. كل فرد يسير بخطوة حذرة، وكل حشد يملأ الفراغ بالقوة والهيمنة.
هنا يظهر السؤال المحوري: إذا كانت المشكلة في الفرد، فأين الحل؟ وإذا كانت المشكلة في الحشد، فما الحل؟
وفق رؤية الجسر والمورد، الإجابة واضحة: الحل ليس في اختيار طرف على حساب الآخر، بل في الجمع بين قوة الحشد ووعي الفرد المؤسساتي.
الحشد: قوة الطاقة والتعبئة، قوة الحركة المباشرة التي لا تقهر.
الفرد المؤسساتي: قوة العقل والتخطيط، القدرة على تحويل الزخم إلى مشاريع مستدامة وقرارات استراتيجية.
صور ذهنية:
تخيل شجرة في عاصفة: جذورها الفرد، والأوراق الحشد. بدون جذور، الأوراق تتطاير، وبدون أوراق، الجذور لا تنمو.
تخيل نهرًا متدفقًا: الحشد مياه الجريان، والفرد السد الذي يوجه المياه إلى الحقول الصحيحة بدل أن تجرف كل شيء.
اقتراحات عملية وفق رؤية الجسر والمورد:
تعزيز المؤسسات المدنية لتستعيد قدرة الفرد على صناعة القرار والتأثير.
توجيه طاقات الحشد نحو مشاريع بناء الدولة بدلاً من أن تستهلك الفرد في دوامة الفوضى.
خلق جسور حقيقية بين الفرد والمجتمع والحشد، بحيث يصبح كل عنصر قوة مكمل للآخر، لا متنافسًا عليه.
“السودان اليوم على مفترق الطرق: الحشد يحرك الشارع، الفرد يرسم المستقبل، ومن يعرف كيف يجمع بين الاثنين، يصنع السودان الذي حلم به الشعب منذ استقلاله في ١٩٥٦م.”
سؤال #أصل_القضية للقارئ:
“كيف ترى دور المجتمع السوداني في صنع الحلول؟ هل يمكن أن يكون قوة للتغيير أكثر من النخب؟”
– باحث بمركز الخبراء للدراسات