رأي

أصل القضية/ محمد أحمد أبوبكر.. الهندسة الاجتماعية وترويض الإعلام الرقمي

من سلسلة الجسر والمورد

> “من يسيطر على الرواية، يسيطر على الوعي؛ ومن يجهل الرموز، يصبح رهينة للشائعات.”

المشهد الأول: شاشة مضيئة وسط الظلام:

●تخيل شاشة هاتف، أو حاسوب في زاوية الغرفة…

●كل خبر، كل منشور، كل تغريدة تمر بسرعة خاطفة.

في هذه اللحظة، تتحرك عواطف الناس قبل أن يفكروا، تتنقل الشائعات كما تنتقل الرياح في صحراء بلا خرائط.

هنا يظهر الجسر والمورد: نحن لسنا مجرد متلقين، بل مهندسون اجتماعيون لمجتمعنا.

■الجسر: يربطنا جميعًا – النخب، المجتمع المدني، الجماهير – في سرد واحد.

■المورد: يستثمر إرثنا الثقافي، ميماتنا الشعبية، ذكاءنا الجماعي، ليصبح الوعي قوة استراتيجية.


المشهد الثاني: الميمات الثقافية… بذور القوة:

الميمات الثقافية هي وحدات صغيرة من المعرفة، القيم، والسلوكيات، تنتقل من شخص لآخر مثل شرارة يمكن أن تشعل النار… أو تضيء الطريق.

في السودان، “الصبر عند الشدائد” و”الوفاء بالعهد” ليست مجرد مقولات، بل قذائف ثقافية حية:

●تُوجه ضد الشائعات.

●تعزز التضامن.

●تصنع ثقة جماعية تتجاوز السياسي والاقتصادي.

> الميمات هي الموارد الخفية للمجتمع. من يعرفها ويستثمرها، يستطيع قيادة وعي الجماهير بدل أن يكون رهينة للأخبار المضللة.

المشهد الثالث: العقل الجمعي السوداني… قلب المعركة:

الوعي الجمعي في السودان يشبه نهرًا عميقًا تحت سطح هادئ:

●العاطفة أولًا، العقل ثانيًا.

●الرموز والميمات تتحرك بلا قيادة رسمية، لكنها قوية وفعالة.

●الخبرة التاريخية، المبادرات الشعبية، والأمثال القديمة تصبح أدوات هندسة ذكية للوعي.

حرب الكرامة والمصالحات المجتمعية أظهرت قدرة الجماهير على التنظيم الذاتي وتحويل المبادرات إلى قوة ناعمة رقمية ملموسة.

المشهد الرابع: الإعلام الرقمي… من تهديد إلى منصة قوة:

تخيل كل منصة رقمية كساحة معركة:

●الشائعات مثل السهام المسمومة.

●الحقيقة والوعي الجماعي مثل الدرع والخنجر.

استراتيجية الجسر والمورد:

١. ميمات رقمية قصيرة: أمثال وأغانٍ وحكايات شعبية تنتشر بسرعة.

٢. سرد قصصي رقمي: مشاركة قصص نجاح محلية، مبادرات مجتمعية.

٣. تفاعل موجه: الرد على الشائعات بالرموز الثقافية بدل البيانات الجافة.

> كل منشور رقمي يمكن أن يتحول من ساحة تهديد إلى مختبر قوة ناعمة استراتيجية.

المشهد الخامس: المقاومة الرقمية… قلب الحماسة الوطنية:

كما كان الإسناد المدني في حرب الكرامة، يمكن للشبكات الرقمية أن تصبح منصة مقاومة رقمية:

●الميمات الثقافية: أدوات لإعادة بناء الثقة.

●الخبرة التاريخية: دروس الماضي تتحول إلى محتوى رقمي تعليمي.

●التفاعل الموجه: إشراك الجماهير في صناعة سرد وطني موحد.

> كل ميم اختُبر يصبح أداة للمستقبل، وكل فضاء رقمي يمكن تحويله إلى منصة بناء لا تهدم.

المشهد السادس: الأزمة فرصة… وفق رؤية الجسر والمورد:

الأزمات الرقمية ليست تهديدًا فقط، بل فرصة لإعادة هندسة القوة الناعمة:

■الجسر: ربط النخب، المجتمع المدني، الإعلام الرقمي، والمجتمعات المحلية في سرد موحد.

■المورد: استثمار الإرث الثقافي والميمات الشعبية كأدوات استراتيجية عملية.

■النتيجة: منصات الشائعات تتحول إلى أدوات تعزيز السيادة الرقمية، بناء الثقة، وتوجيه الرأي العام داخليًا وخارجيًا.

المشهد السابع: السياسة الخارجية الرقمية:

الهندسة الاجتماعية وفق الجسر والمورد تمكن السودان من:

●تعزيز صورته دوليًا بسرد رقمي موحد.

●بناء تحالفات استراتيجية مع النخب المستقلة والمجتمعات المحلية.

●تحويل التحديات الرقمية إلى أدوات سيادة رقمية وفكرية بدل تهديدات.

أصل القضية: من الميمات إلى السيادة الرقمية

> “حين نفهم الرموز والميمات، ونوجه الإعلام الرقمي بعقل جماعي مستنير، تتحول الأزمات إلى فرص، وتصبح القوة الناعمة أداة سيادة، والمقاومة الشعبية نموذجًا لبناء مستقبل سوداني مشترك.”

* باحث في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى