
أصل القضية/ محمد أحمد أبوبكر.. حين تصبح الخسارة حاصل ضرب الوعي × السيادة
من سلسلة الجسر والمورد
> “كُنا نظن الهزيمة آخر السطر… فإذا بها أول الحكاية.
كنا نحسب الوطن خارطةً على الورق… فإذا به نبضٌ يسيل من كل الجهات ويكتب: أنا السودان!”
حين تسقط المدن، تتكلم الخرائط… لكن حين يسقط الصمت، يتكلم الوعي.
وحرب الكرامة التي اندلعت في أبريل ٢٠٢٣م، لم تكن مجرد معركة في جغرافيا مضطربة، بل كانت زلزالًا وطنيًا أعاد تشكيل الوجدان، وفرز المعادن، وكشف للعالم أن في قلب هذه الأرض شعبٌ لا يُقهر، وإن ضُرب في الخاصرة.
لم تكن الحرب اختبارًا للسلاح فقط… بل امتحانًا للضمير، ومسرحًا لكشف الأقنعة.
ومن بين الرماد والدخان، لم يخرج السودانيون مكسورين… بل خرجوا أشدّ وعيًا، وأصفى قلبًا، وأصدق وطنية.
المكسب الأول: “من عرفتُه صديقًا، ومن كشفته عدوًا”
كم من جهةٍ كانت تبتسم لنا وهي تُملي شروط الوصاية؟
وكم من منظمةٍ اختبأت خلف شعار الإنسانية، وهي تغذي النيران؟
وكم من صوتٍ في الداخل، ادّعى المدنية وهو يُغمد خنجره في خاصرة الوطن؟
حرب الكرامة مزّقت ستائر الخداع…
وسمّت الأشياء بأسمائها دون مواربة:
هذا عدو، ولو حمل لافتة أممية.
وهذا صديق، ولو لم يظهر في المؤتمرات.
وهذا خائن، وإن زيّن كلامه بشعارات الثورة.
المكسب الثاني: “السودان ليس تابعًا… إنه المُعادلة”
ظنّ كثيرون أن الخرطوم يمكن أن تسقط وتُنسى كما سقطت عواصم قبلها.
لكن ما إن اهتزّت، حتى اهتزّ معها البحر الأحمر، والقرن الإفريقي، وأرتجت معها عواصم القرار في الشرق الأوسط.
> السودان ليس تفصيلة على الهامش… إنه العُقدة المركزية في نسيج المنطقة.
من أراد الشرق الأوسط مستقرًا… فليبدأ من أم دافوق وأبشى.
ومن أراد تأمين البحر الأحمر… فليعرف قيمة الجنود في طوكر.
المكسب الثالث: “الهوية تُكتب في زمن العتمة”
ما بعد أبريل ٢٠٢٣م، لم يعد الانتماء مجرد وثيقة أو خطاب في ندوة.
لقد دخلت الوطنية قاعة الامتحان الحقيقي، حيث الإجابات لا تُكتب بالحبر، بل تُحفر بالمواقف.
من وقف مع الدولة…
من صمت حين سقطت الخرطوم…
من هلّل لاحتلال أم درمان… وجوعت الفاشر…
من ناور بينما الجنود يُطاردون في الأزقة…
الزمن يكتب، والضمير يُراقب، والشعب لن ينسى.
> لم تُرفع الأقلام بعد، لأن ساعة النصر لم تُعلن.
وحتى ذلك الحين… لا عزاء للمتخاذلين.
المكسب الرابع: “من حلفا لي نمولي… مليون فَرَح مكتوب”
أرادوا تقسيمنا بالجغرافيا، فوحّدتنا الدماء.
أرادوا تمزيقنا بالهويات، فجمعنا الحنين.
أرادوا بث الكراهية، فردّ عليهم الشعب بالأغاني.
حين احترقت الخرطوم، لم تسأل دنقلا عن العرق، ولا القضارف عن اللهجة، ولا زالنجي عن الانتماء.
الجميع قالوا: “دي بلدنا… وحنبنيها بي سواعدنا.”
الجسر والمورد: من الرماد إلى النهضة
في “الجسر والمورد”، لا نغرق في الرثاء، بل ننتزع الرؤية من قلب الركام.
لا نُراهن على الدعم الخارجي، بل نُراهن على وعي الداخل، وصلابة الدم، ونبض الأمهات في الأرياف.
> من ينكسر ثم يقوم، لا يعود كما كان…
بل يصير جسرًا تُعبر عليه أمة، وموردًا يرتوي منه التاريخ.
✊🏽 أصل القضية: سودانية،،
المجد لا يُورث… المجد يُنتزع
لقد خسرنا أرواحًا، ومدنًا، وأحلامًا…
لكننا ربحنا شيئًا لا يُشترى: ربحنا الوعي.
وهذه الحرب، مهما طال أمدها، ستنتهي.
لكن الذاكرة لن تُمحى… والوجدان لن يُغسل… والهوية لن تُباع.
ونحن السودانيون… لا ننتظر أن يكتبنا التاريخ، بل نكتبه.
لا ننتظر أن يرسم لنا الآخرون خرائطنا، بل نرسمها من كاودا إلى أركويت، ومن سواكن إلى هجليج.
> “أحيانًا… تحتاج الأمة أن تنكسر،
لتُدرك أن ما تبقّى في دمها،
يكفي لبناء مجدٍ لا يسقط أبدًا.”