رأي

أصل القضية/ محمد أحمد أبوبكر.. ما تريده الرباعية… موجود عند المجتمع السوداني

| من سلسلة الجسر والمورد

“حين يشتد الحصار على الدولة، يبقى المجتمع هو الرصيد الأخير.”

صدر بيان الرباعية الدولية، حاملا بين سطوره الكثير من الإشارات حول الأزمة السودانية: القلق من الانقسام، المطالبة بوقف التصعيد، الحديث عن المساعدات الإنسانية، والإصرار على ضرورة الحل السياسي. ورغم أن البيان بدا كسابقاته، فإن دلالاته العميقة تكشف أن ما تريده القوى الدولية موجود أصلاً في المجتمع السوداني، لا في غرف التفاوض وحدها.

الحقائق كما هي:

●المجتمع السوداني أكثر صلابة من النخب السياسية: أظهر في الحرب قدرة هائلة على التكيف، والإبداع في إدارة الشح، وإحياء التضامن الأهلي.

●المبادرات الشعبية سبقت التحركات الدولية: من قوافل الدعم الطوعي، إلى شبكات الإغاثة المحلية، نشأت بنية تحتية موازية للدولة.

●التعبئة العامة جراء الحرب أصبحت تياراً كاسحاً: المجتمع يطلب حلاً عملياً وكرامة معيشية، أكثر مما يسعى لشعارات سياسية فضفاضة.

●الفاعلون الدوليون باتوا مضطرين للاعتراف بوزن المجتمع: ليس باعتباره “متضرراً” فحسب، بل باعتباره صانعاً للحلول.

رؤية “الجسر والمورد”:

إن مشروع الجسر والمورد يقرأ هذه الحقائق بعيون استراتيجية، ويعيد صياغتها في خارطة طريق:

■الجسر: هو إعادة وصل المجتمع بالدولة والنظام الدولي عبر مؤسسات وسيطة، من النقابات المستقلة، إلى المبادرات المدنية، كي لا تبقى الفجوة مفتوحة.

■المورد: هو استثمار ما يملكه السودان من إمكانيات طبيعية وبشرية، وربطها بالشبكات الإقليمية والدولية، بحيث يصبح المجتمع طرفاً فاعلاً في التنمية لا مجرد متلقٍ للمساعدات.

الحلول المطروحة:

●إشراك المجتمع في أي تسوية سياسية: عبر آليات تشاركية حقيقية، وليس مجرد مشاورات شكلية.

●تمكين الهياكل المحلية للإغاثة: ودعمها دولياً حتى لا تنهار تحت ضغط الحرب.

●بناء اقتصاد موازٍ مرن: يعتمد على المشروعات الصغيرة، التحويلات، والزراعة المجتمعية لتخفيف الأزمة المعيشية.

●إطلاق دبلوماسية المجتمع المدني: بحيث يكون للمنظمات السودانية صوت في المحافل الدولية، بدلاً من احتكار النخب.

●تحويل “إرادة البقاء” إلى “مشروع بناء”: فالقوة التي صمد بها السودانيون أمام الحرب يمكن أن تتحول إلى رافعة استراتيجية لإعادة الإعمار.

الرباعية تكرر في بياناتها مطالب معروفة: وقف الحرب، فتح الممرات، الحل السياسي. لكن الجديد هو إدراك أن المجتمع السوداني يملك مفاتيح هذه المطالب. ومن هنا، فإن على القوى الدولية أن تعيد صياغة مقاربتها: من الضغط على النخب إلى الاستثمار في المجتمع.

وفي قلب هذا التحول، تأتي رؤية الجسر والمورد: السودان ليس مجرد ساحة للأزمات، بل يمكن أن يكون جسراً للتكامل الإقليمي، ومورداً للتنمية المشتركة، إذا ما استندت الحلول إلى رصيد المجتمع الحيّ.

سؤال #أصل_القضية : برأيك… من يملك الحل فعلاً؟ النخب السياسية أم المجتمع السوداني؟

* باحث بمركز الخبراء للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى