
أصل القضية/ محمد أحمد أبوبكر.. من شوارع ديسمبر إلى مسيرات الخرطوم
| من سلسلة الجسر والمورد
– باحث في العلاقات الدولية
> “الأوطان لا تُكسر بالرصاص وحده، بل تُستنزف بخيوط الفوضى حتى تنهار من الداخل.”
المسرح الأول: ديسمبر ٢٠١٨م
حين خرج الشارع في ديسمبر، تسلّل مشروع موازٍ إلى المشهد: ليس مشروع الحرية، بل مشروع الفوضى. إغلاق الطرق، تعطيل المؤسسات، وترويج سياسة التخوين كأداة لتمزيق الصف، وتعطيل الجامعات والمدارس لتجريد الأجيال القادمة من أدوات التفكير والنقد، ثم فوضى الاعتصام لإحداث شلل كامل في الحياة اليومية.
> هنا يظهر سيناريو التفريغ بوضوح: خلق حالة من اللااستقرار المستمر تُجهد المجتمع وتضعف الروابط بين المواطنين والدولة.
في قلب هذه الفوضى، ظهرت الأجسام الهلامية: لجنة الأطباء المركزية، تجمع المهنيين… كيانات إسفيرية بلا جذور اجتماعية حقيقية، لكنها قادرة على زعزعة الثقة العامة، صناعة الأزمات، والعمل كـطابور خامس داخلي يتناغم مع المشاريع الخارجية.
■المسرح الثاني: الخرطوم ٢٠٢٥م
اليوم، تتكرّر حلقات سيناريو التفريغ عبر:
●المسيرات الانتحارية لاستنزاف المدن وإرهاب السكان.
●البيروقراطية الكسيحة والتمسك بنصوص القانون لا روحه لتعميق الأزمة وزيادة الفوضى.
●استهداف مؤسسات الدولة والاقتصاد لخلق حالة “اللا دولة”.
ربط النظريات بالتحليل:
●الهندسة الديموغرافية: كل نزوح أو تهجير هو خطوة لإعادة رسم الخرائط السكانية، وتقويض القوة المجتمعية المحلية.
●الحروب الهجينة: دمج السلاح التقليدي بالمسيرات الانتحارية، الإعلام، الحصار الاقتصادي، وفوضى المؤسسات لتحقيق أثر نفسي مزدوج على المواطنين.
●نظرية الدولة الفاشلة: حالة “اللادولة” المنشأة من خلال تعطيل التعليم، الاعتصامات، الطابور الخامس، والفوضى الاقتصادية.
●نظرية الطابور الخامس: الأجسام الهلامية تنفذ أجندات خارجية داخل السودان، تستثمر الخيانة والتخوين لإضعاف الدولة، وتنسيقها مع المسيرات الانتحارية يعكس استهدافاً متعدد الأبعاد للدولة والمجتمع والاقتصاد.
> بهذا الربط، يصبح سيناريو التفريغ ليس مجرد حدث عشوائي، بل مشروع متكامل قائم على استراتيجيات علمية لفهم وإضعاف الدولة والمجتمع.
الجسر والمورد… المعركة البديلة
لكن السودان الذي صمد لقرون لن يُفرغ بقرار من غرفة عمليات. الخرطوم التي يريدونها منكوبة يمكن أن تُعاد إلى دورها كعاصمة قومية جامعة، متى وعى الشعب وصانع القرار أن المعركة ليست على الأرض فقط، بل على الإنسان.
استراتيجية الجسر والمورد تقدم الحل:
●الجسر: توحيد السودانيين في هوية صلبة لا تخترقها الأجندات.
●المورد: استثمار طاقات الشباب وتشجيع العودة عبر مشروع بناء وطني يقطع الطريق على أي محاولة للتفريغ أو التفكيك
هنا وجب أن نشير إلى ضرورة تفعيل المشروع الوطني لإعمار النسيج المجتمعي ونحن على أتم الاستعداد للتعاون مع القائمين على امر هذا المشروع جهدا وفكرا لتكون لمساته محسوسة لدى كل مواطن سوداني.
السؤال الحاسم…
هل وعى الشعب هذا المخطط؟ وهل اتخذ صانع القرار قراره ليقطع الخيط الذي بدأ منذ ديسمبر وما زال يُحاك حتى اليوم؟
السودان يقف عند مفترق طرق:
إما أن يكون مسرحًا لمؤامرات الآخرين،
أو أن يكون مُلهِمًا للأمم وهو يكتب من رماد الخراب قصة نهوض جديدة.
أصل القضية،،،
الذين يراهنون على الفوضى، التفريغ، الطابور الخامس، والهندسة الديموغرافية سيكتشفون أن هذا الشعب – مهما جُرّد – لا يُهندَس. السودان سيبقى بلدًا ينهض كل مرة من الركام، لأنه ببساطة: البلد البتسامح، ما بتنكسر.