رأي

أصل القضية.. محمد أحمد أبوبكر.. نسيج الإنسان الفاسد وحرب الكرامة

|من سلسلة الجسر والمورد

“هذه قريش قد رمتكم بأفلاذ أكبادها” – حديث نبوي يصف لحظة الاصطفاف المصيري، حيث لا يبقى للمداهنة مكان.

بالأمس، الجمعة ١٩ سبتمبر ٢٠٢٥م، أقدمت قوات الدعم السريع المدعومة إماراتيًا على ارتكاب جريمة مروّعة في مدينة الفاشر، إذ هاجمت مواطنين أبرياء وهم يؤدون صلاة الصبح، فاستشهد أكثر من ٧٥ سودانيًا في محراب عبادتهم.

هذه ليست حادثة عابرة، بل حلقة أخرى في مسلسل هندسة التغيير الديموغرافي الذي أشرنا إليه مرارًا وهي ليست ببعيد من مسلسل استهداف الولايات بالمسيرات واخرها ولاية الخرطوم.

رؤية الجسر والمورد: تشخص الصراع بأنه ليس مع فصيل متمرّد فحسب، بل مع مشروع دولي يتخذ من الفساد البشري أداة لاقتلاع الشعب السوداني من جذوره ، هو يريد الارض بلا شعب او سودان بلا سيادة.

هنا نستحضر أطروحة المفكر “إيزايا برلين” في كتابه نسيج الإنسان الفاسد: أن أعظم تهديد للمجتمعات ليس السلاح وحده، بل الإنسان الفاسد الذي يتحول إلى أداة للخراب، خائنًا لضميره قبل وطنه. هذا بالضبط ما يجري: من جندتهم الإمارات مع الدعم السريع ليسوا سوى نموذج صارخ لذلك النسيج، حيث تتحالف المصلحة الشخصية مع الطموحات الخارجية لتشكّل سرطانًا في جسد الأمة السودانية.

لكن القضية لا تقف عند حدود “العدو الخارجي” أو “المليشيا المأجورة”. ثمة خلل في الداخل: مسؤول يختبئ وراء سلحفائية الإجراءات، حكومة تتعامل مع حرب الكرامة كأنها مختبر تجارب، بيروقراطية تتفنن في تعطيل ما هو بديهي، وكأن دماء السودانيين مادة إحصاء وليست أمانة. وهنا نسمع العبارة الصادقة: “نحن بنحارب في ناس بتحارب معانا”؛ فالمعركة ليست على خط النار وحده، بل أيضًا ضد التواطؤ المقنّع والتقصير المقنّع بالجهل.

إن تشخيص المرض واضح:

■العرض: مذابح، نزوح، تفكك اجتماعي.

■السبب: مشروع خارجي يستثمر في نسيج الإنسان الفاسد محليًا.

■التشخيص: محاولة إعادة تشكيل السودان على مقاس أطماع الآخرين.

■والعلاج لا يحتمل المراوغة:

١. وعي جمعي بأن الحرب فرض عين على كل سوداني وطني، وليست فرض كفاية.

٢. قطع شرايين الفساد في الداخل، فالفاسد المحلي هو حصان طروادة الذي يفتح الأبواب.

٣. بناء إنسان وطني معافى، يؤمن بالقومية السودانية، ويضع السودان أولًا بلا اعتذار ولا مساومة.

٤. تنفيذ رؤية الجسر والمورد كطريق عملي للتحرر من هندسة الديموغرافيا المفروضة، عبر ترميم النسيج الاجتماعي، وتأسيس اقتصاد وطني، وتعزيز منظومة أمنية بعقيدة قومية خالصة.

إن حرب الكرامة ليست معركة جغرافيا ولا معركة موارد، بل معركة “نسيج الإنسان”: إما أن يظل السودان مرهونًا لفساده، أو أن ينهض بشرفه. والتاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تُجرّب الحلول في لحظة الخطر تكتب نهايتها، أما التي تحسم أمرها، فتكتب بدايتها.

اليوم، نحن أمام خيار واحد:

إما سودان العز والكرامة، أو لا سودان.

سؤال #أصل_القضية للقارئ الكريم:

إذا كان المرض قد سميناه، والداء قد وُصف، فهل نحن – كمواطنين– على استعداد لنكون جزءًا من العلاج، أم سنبقى أسرى نسيج الإنسان الفاسد؟

-باحث بمركز الخبراء للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى