تقارير

اجتماعات الرباعية: تعقيد الصراع السوداني بـ “خلط أوراق الحل”

كتب : عبد الله بشير

فاجأ وزراء خارجية الرباعية “الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات” الرأي العام بالدعوة إلى هدنة إنسانية في السودان لمدة أولية حددتها هذه الدول بثلاثة أشهر، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية بسرعة إلى جميع أنحاء السودان.

وجاء ذلك في بيان صدر الجمعة عقب مشاورات بين وزراء الخارجية الأربعة، بناءً على دعوة الولايات المتحدة. ودعا الوزراء لأن تقود الهدنة مباشرة إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم يتم إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُختتم في غضون تسعة أشهر لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة بقيادة مدنية وبشرعية ومساءلة واسعة. وأضاف البيان: هذا أمر أساسي لاستقرار السودان على المدى الطويل والحفاظ على مؤسسات الدولة.

وأكد الوزراء الأربعة أنه لا يمكن أن يُملى مستقبل السودان من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة المرتبطة أو ذات الصلة الواضحة بجماعة الإخوان المسلمين، التي أدى تأثيرها المزعزع للاستقرار إلى إشعال العنف والفوضى في المنطقة.

وقد جاءت ترجمة الفقرة الأخيرة عمليا

بفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية أمس عقوبات على د. جبريل إبراهيم وزير المالية وكتيبة البراء بن مالك لعلاقتهما بإيران.

وأوضحت الولايات المتحدة أن هذه العقوبات تهدف إلى الحد من النفوذ الإسلامي داخل السودان، وكبح أنشطة إيران الإقليمية، التي ساهمت في زعزعة الاستقرار الإقليمي، والصراع، ومعاناة المدنيين.

وبالرجوع لنتائج الرباعية أمس طالب البيان جميع أطراف الصراع بتسهيل الوصول السريع والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء السودان وعبر جميع المسارات اللازمة. كما طالب بحماية المدنيين وفقاً للقانون الدولي الإنساني والتزاماتهم بموجب إعلان جدة، والامتناع عن الهجمات العشوائية الجوية والبرية على البنية التحتية المدنية.

وقال البيان إنه لا يوجد حل عسكري قابل للتطبيق لهذا الصراع، وإن استمرار الوضع الراهن يسبب معاناة غير مقبولة ويهدد السلام والأمن.

ويأتي اجتماع الرباعية امس بعد فشل اللجنة في عقد اجتماع بواشنطن شهر يوليو الماضي رغم الترويج الإعلامي المكثف لهذا الإجتماع الذي لم يعقد بسبب ما قيل عن خلافات بشأن مشاركة الأطراف السودانية.

تبع ذلك خطوة مفاجئة، تمثلت في عقد اجتماع غير معلن في سويسرا بين البرهان والمستشار الخاص الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس؛ لبحث مقترح أميركي لوقف إطلاق نار شامل وإيصال المساعدات الإنسانية.

ونقلت الوكالات عن مصدر حكومي رفيع أن البرهان أبلغ بولس بأن مليشيا الدعم السريع ليس لها دور سياسي في السودان.

ويلاحظ ان دعوة الرباعية في اجتماع الجمعة افترعت مسارا موازيا أو هو خارج سياق جهود الأمم المتحدة والحكومة السودانية لإيصال المساعدات، فقد وافق رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان أواخر يونيو الماضي، على إعلان هدنة إنسانية لمدة أسبوع في مدينة الفاشر، دعما لجهود الأمم المتحدة وتسهيل وصول الإغاثة للآلاف من السودانيين المحاصرين هناك، والتي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. في المقابل ردت مليشيا الدعم السريع على طلب الهدنة بقصف المستشفيات ومعسكرات النزوح في الفاشر، مما يدل على تماديها في الضرب بدعوات التهدئة بعرض الحائط، مستغلة التساهل في عدم تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي السابق بإنهاء حصار الفاشر فورا.

وجاء خلال الإتصال هاتفي تلقاه البرهان، من غوتيريش حينها، عن ترحيب الأمم المتحدة بتعيين رئيس للوزراء في السودان، وأكد دعم الأمم المتحدة للخطوة في سبيل إكمال الانتقال المدنى.

وأكد البرهان، خلال الاتصال، الجدية في إكمال تشكيل حكومة من المستقلين تتولى بكامل الصلاحيات أعباء الجهاز التنفيذي.

وفي بداية الشهر الجاري مدد السودان فتح معبر أدري الواقع على الحدود مع تشاد، حتى نهاية العام الجاري. وظل السودان يجدّد بقاء معبر أدري مفتوحًا كل ثلاثة أشهر اعتبارًا من 15 أغسطس 2023، رغم وقوعه في ولاية غرب دارفور الخاضعة لسيطرة مليشيا الدعم السريع، من أجل تدفق الإغاثة إلى الإقليم

وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إن التمديد يؤكد التزام الحكومة بضمان وصول الإغاثة، كما يبيّن حُسن نواياها تجاه تسهيل العمل الإنساني والتنسيق مع منظمات الإغاثة العاملة في السودان وفقًا للنظم والقوانين التي تحتكم إلى القانون الإنساني الدولي.

يأتي ذلك رغم إدراك السودان أستخدام المعبر في إدخال الأسلحة والعتاد العسكري الذي يصل إلى مليشيا الدعم السريع من الإمارات.

وجاء تمديد فتح معبر أدري تزامن مع كارثة قرية ترسين في جبل مرة التي تسيطر عليها حركة عبد الواحد. وراح ضحية الكارثة مئات من المواطنين الأبرياء. وأعربت الخارجية عن تطلع السودان إلى أن تسارع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الإنسانية إلى تقديم المساعدات المطلوبة للمواطنين.

من الواضح أن اللجنة الرباعية خلطت الأوراق فيما يتعلق بالصراع في السودان، ووضعت جدولا نظريا لهدنة انسانية تضمن وصول المساعدات وتؤدي لوقف دائم لإطلاق النار دون آليات عملية تضغط على مليشيا الدعم السريع المتسببة في المأساة الإنسانية التي يعيشها السودانيون في مختلف المدن.. كما أن الحديث عن عملية سياسية بأمد محدد وإقصاء من تسميهم الجماعات الإسلامية التي تغذي الصراع، أمر يعالج هواجس دول الرباعية ويجعلها منحازة لرؤية أطراف سياسية سودانية تدعم المليشيا وتغذي الصراع بصورة أوضح.. كل تلك الحقائق تجعل مخرجات الرباعية خصما على الجهود الدولية والإقليمية في تحقيق الأمن والإستقرار في السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى