
السودان يخوض وحده أكبر معركة بعد الحرب العالمية الثانية
عبد الله بشير
الانتهاكات التي تمارسها “قوى الشر” التي تقود الحرب ضد السودانيين تجاوزت مرحلة الفظاعة إلى الإصرار على الاستمرار فيها، وارتكاب كل ما هو محرم ومجرم أخلاقيا، في ظل عدم وجود تحركات جادة من العالم المتفرج لوقف ما يجري في بلادنا..
الحقيقة الماثلة الآن أن القتل الممنهج للمواطنين مستمر في مدن وقرى ولايات دارفور وكردفان، فالحصار والتجويع وقطع الإمدادات جرائم ما زالت تُمارس في الفاشر وكادوقلي ومعسكرات النازحين.. كما أن مواطني الضعين والنهود ما زالوا يتعرضون للاعتقال والتصفية على أساس جهوي، وحتى مواطني مدينة الجنينة أصبح حالهم يغني عن السؤال في ظل استمرار القهر والتسلط الذي يمارس عليهم.. ووقعت عليهم نفس ممارسات أرهاب مواطني الخرطوم عندما سيطرت عليها المليشيا حينا من الزمان.. تظاهروا أنهم لم يأتوا لاستهداف المواطنين بل لجلب الديمقراطية، ثم ما لبثوا أن وجهوا مدافعهم نحو الأحياء قصفا، وحصدت بنادقهم أرواح الأبرياء حصدا، ووقع جنودهم في المنازل ندميرا ونهبا.
ما يجري في السودان ضد مواطنيه أكبر من أن يفسر بأنه حرب تقودها مليشيا الدعم السريع، والتي مهما توفر لها من قوة فإنها تبقى متواضعة الإمكانيات محدودة الفهم الإستراتيجي والتاثير على الأرض..
قدر السودان أن يواجه حربا في عدة جبهات ضد عدة جهات تمثل “قوى الشر” التي تواطئت على معاداة إنسانه.. قوى دولية بنفس الأجندات القديمة، وأخرى إقليمية طامحة في موارده، ودول لا تملك وزنا أو مكانة ولكنها تقدم خدمات لتكون معبرا للعداء.. فتحت مطاراتها لتمرير الأسلحة.. وسخرت مرتزقتها وفتحت لهم حدودها ليدخلوا السودان مشاركين في قتال شعبه.
ما يجري في السودان عداء ظاهرا غير مستتر وحربا شاملة ضد الدولة والإنسان والأرض والمورد.. قدر بلادنا أن تقاتل على جميع الجبهات عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا، وأن تواجه وحدها أكبر أزمة في العالم وأسوأ حرب “بعد الحرب العالمية الثانية” كما صنفتها كتابات الغربيين.. لن ينتظر السودانيون المنظمات الدولية والإقليمية الكسيحة، ولن يسقطوا في فخ التسويات المنحازة ولن يرضخوا للحلول المفصلة على مقاس مصالح الآخرين كما ان الضغوط لن تجدي في استمالتهم أو التراجع عن مواقفهم..
معركة الكرامة والحفاظ على السيادة قطعت أشواطا كبيرة وتمضى بخطى ثابتة، وأبناء السودان يقدمون الأرواح ويسكبون الدماء على أسوار مدن الغرب، وهم يدركون أنها لن تضيع سدى وأن العداء والكيد لن ينجحان في إخضاع السودان أو جعله مستوطنة لـ”الغزاة الجُدد”.