
بنك السودان يفك احتكار الذهب: من الاحتكار إلى السوق المفتوح
بقلم: أبوعبيده أحمد سعيد محمد | saeed.abuobida5@gmail.com
في خطوة مفاجئة، أعلن بنك السودان المركزي رفع احتكار تصدير الذهب، منهياً بذلك العمل بالمنشور رقم (14/2025) الصادر في سبتمبر الماضي، الذي منح البنك وحده حق شراء وتصدير الذهب. جاء القرار بعد إعفاء محافظ البنك السابق وتعيين محافظ جديد، ويفتح الباب الآن أمام القطاع الخاص والأفراد الاعتباريين للمشاركة في التصدير، ضمن ضوابط صارمة لضمان دخول الحصيلة الأجنبية عبر القنوات الرسمية.
الخلفية: الاحتكار السابق والضرورات الاقتصادية
• المنشور رقم 14/2025 (14 سبتمبر 2025): فرض على البنك المركزي وحده شراء وتصدير الذهب، بهدف السيطرة على المورد الحيوي وتقليل التهريب.
• التحديات السابقة: ارتفاع السعر المحلي للذهب عن السعر العالمي، ضعف سيولة البنك، وازدهار السوق الموازية، ما أدى إلى فقدان الدولة مليارات الدولارات من العائدات.
يمثل القرار الجديد تحولاً من سياسة الاحتكار إلى سياسة الانفتاح المنضبط، في محاولة لتعزيز الثقة في السوق الرسمي وتقليل التهريب.
طرق السداد الجديدة
المنشور رقم 17 (5 نوفمبر 2025) يسمح بتصدير الذهب عبر طريقتين:
1. الدفع المقدم (Advance Payment):
يضمن استلام الحصيلة فورًا، لكنه يتطلب رأس مال كبير، ما قد يصعب على المعدنين الصغار المشاركة.
2. الاعتماد المستندي المعزز بالاطلاع (Confirmed L/C at Sight):
يوفر أمانًا للمصدر والمستورد، ويطابق المعايير الدولية، لكنه يزيد تكلفة العمليات البنكية ويحتاج خبرة في التعامل مع الاعتمادات.
كما يشترط المنشور فتح حساب صادر ذهب لدى المصارف المعتمدة لتغذية الحصيلة، مع فترة احتفاظ محددة (21 يومًا)، وتحويل أي فائض إلى بنك السودان المركزي.
استخدامات حصيلة الذهب
يمكن استخدام الحصيلة بعدة طرق:
• الاستيراد وفق ضوابط الاستيراد.
• بيعها لأي مصرف آخر أو للبنك المركزي.
• الاحتفاظ المؤقت بها في الحسابات المصرفية خلال المدة المحددة.
ويشترط تصدير الذهب الحر الحصول على شهادة أوزان ومعايرة، بينما يتطلب تصدير شركات مخلفات التعدين موافقة مكتوبة من البنك المركزي.
الأثر الاقتصادي المحتمل
1- فرص السوق
• فتح الباب أمام القطاع الخاص يعزز الثقة ويشجع دخول الذهب إلى القنوات الرسمية، ما يدعم النقد الأجنبي ويقلل التهريب.
2-التحديات
• فجوة الأسعار بين السوق المحلي والعالمي قد تدفع المنتجين للتهريب.
• الدفع المقدم قد يحد من مشاركة المعدنين الصغار.
3-مقارنة بالاحتكار السابق
• المنشور السابق حد حرية التصدير وزاد من التهريب.
• القرار الجديد يوفر مرونة أكبر مع الحفاظ على الرقابة المصرفية، مما يعزز الشفافية والمصداقية.
4-توصيات لضمان نجاح القرار
• توفير تمويل للمعدنين الصغار لتسهيل استخدام الدفع المقدم.
• تطبيق آلية إلكترونية لمتابعة حصائل الصادر وربطها بالجمارك والبنوك.
• تطوير مصفاة السودان للذهب كمركز موثوق للمعايرة والتحليل.
• اعتماد أسعار مرنة تعكس السوق العالمية لتقليل التهريب.
• تخفيض الضرائب والجبايات على الذهب لتقليل دوافع التهريب.
• تشديد الرقابة والمتابعة للسلطات المختصة لعمليات الرصد والمتابعة.
• فتح أسواق عالمية جديدة عبر غرفة مصدري الذهب والسفارات السودانية بالخارج.
• تعزيز الشفافية عبر تقارير شهرية عن الكميات المشتراة والمصدرة.
• فرض عقوبات صارمة على المخالفين في حال التأخير أو عدم إعادة الحصيلة.
الزُبدة
قرار بنك السودان بفك احتكار الذهب خطوة كبيرة نحو تحرير منضبط للسوق، يجمع بين المرونة الاقتصادية والرقابة المصرفية، مع ضرورة الحفاظ على استقرار السياسات في عمليات الصادر. نجاح القرار مرهون بتوفير السيولة، دعم المعدنين الصغار، وتعزيز الشفافية، ليصبح الذهب رافعة حقيقية للنمو الاقتصادي واستقرار النقد الأجنبي بدل أن يكون مصدرًا للتهريب وفقدان الموارد.








