تقارير

حرب السودان أنموذجا: مجلس الأمن الدولي يُفشل مبدأ المسؤولية عن الحماية

دبلوماسي كندي: لا يوجد أي مبرر مقبول لانسحابنا الجماعي من المساعدات الإنسانية للمحاصرين في السودان

رصد/ سودانية ديلي- كتب روبرت ر. فاولر مقالا لصحيفة جلوب آند ميل الكندية تعليقا على ما يجري في السودان، ذكر فيه أنه في أوائل سبعينيات القرن الماضي، كان السودان على وشك أن يصبح سلة غذاء أفريقيا، لكن هذا الوعد، كغيره من الوعود الأفريقية، لم يُحقق قط.
فاولر هو دبلوماسي كندي متقاعد عمل مستشاراً للسياسة الخارجية لثلاثة رؤساء وزراء بين عامي 1980 و1986، ونائباً لوزير الدفاع الوطني من عام 1989 إلى عام 1995، وكان آخر سفير كندي لدى الأمم المتحدة يفوز بانتخابات مجلس الأمن، حيث مثل كندا في عامي 1999 و2000.

وأشار إلى انه بعد أربعين عامًا، “حثثنا نحن في الغرب المُنصف المحكمة الجنائية الدولية على محاكمة الرئيس آنذاك عمر البشير والديكتاتور الليبي معمر القذافي. ثم ساعدنا في الإطاحة بكل منهما باسم السلام والديمقراطية، دون أن نُعرّ اهتمامًا يُذكر للعواقب”. وكانت النتيجة كارثة شاملة امتدت على أوسع بقاع أفريقيا، من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر، كما يرى الكاتب.

ويرى فاولر أن الغرب لم يُفلح كثيرًا في إدارة الاضطرابات الأفريقية، “ولكن للإنصاف، لم تقتصر إخفاقاتنا على أفريقيا فحسب. بل في كل حالة تقريبًا، ساهمنا في تفاقم الوضع”. فلا عجب إذن في ضعف الحماس الدولي للجهود المبذولة لوقف البؤس والمجازر المروعة التي تُدمر السودان حاليًا”، ناهيك عن المآسي الإنسانية التي لا تحظى بالتغطية الكافية والتي تقع غربًا في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وشمال نيجيريا والنيجر وبوركينا فاسو ومالي.
ويقول: مع ذلك، لا يوجد أي مبرر مقبول لانسحابنا الجماعي من المساعدات الإنسانية لأولئك المحاصرين الذين هم في أمسّ الحاجة إليها. صحيح أن السبب الرئيسي هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته التي لا تكترث بالمعاناة الإنسانية في جميع أنحاء العالم، إلا أن كندا وبقية الدول الغربية لم تُبدِ اهتمامًا يُذكر بالتدخل لملء الفراغ الناجم عن انهيار السلام الأمريكي. صحيح أن الدول العربية الغنية موجودة بالمال والسلاح، ولكن إن هدفها الرئيسي هو صبّ الزيت على النار.
بينما تُركز كندا بشكل شبه حصري على الصمود أمام نفوذ جارتها “الولايات المتحدة”، فقد غضّت الطرف عن محنة أفريقيا. قبل عشرين عامًا، كان لنا دورٌ محوري في كسب تأييد الجمعية العامة للأمم المتحدة لمبدأ مسؤولية الحماية (R2P) – وهو التزام سياسي يهدف إلى منع الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. احتفل البعض بظهور ما أصرّوا على أنه معيار جديد في السلوك الدولي. لكن منذ ذلك الحين، لم تُقدّم سوى دول قليلة الحماية لمن يواجهون الكوارث التي يُفترض أن تحميها مسؤولية الحماية – وكندا ليست من بينها.

ويذكر الكاتب باستخدام الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حق النقض (الفيتو) مئات المرات، داخل المؤسسة التي صُممت قبل 80 عامًا لحل هذه التهديدات أو على الأقل التخفيف منها، استخدم وذلك أساسًا لعرقلة المبادرات الرامية إلى توفير هذه الحماية. استخدمت روسيا/الاتحاد السوفيتي هذا الحق 129 مرة، والولايات المتحدة 88 مرة (50 مرة لحماية إسرائيل)، والمملكة المتحدة 29 مرة، والصين 19 مرة، وفرنسا 16 مرة. لا يعكس هذا العدد الحالات الأكثر تكرارًا التي حال فيها مجرد تهديد عضو دائم باستخدام حق النقض دون طرح مبادرات لتخفيف المعاناة وتعزيز الأمن للتصويت. لقد جعل مجلس الأمن مبدأ المسؤولية عن الحماية حبرًا على ورق.

ويختم فاولر مقاله بالقوا إن معظم المراقبين الدوليين كانوا على دراية تامة بفراغ وعد “مسؤولية الحماية” (R2P) وقت اعتمادها. واليوم، فإن استدعاء مثل هذه “القاعدة” غير الفعّالة يُحوِّل الدبلوماسية الجادة إلى سخرية. ومع ذلك، لا يزال عدد كبير من القادة يلجأون إلى عبارات جوفاء في مواجهة مثل هذه الكوارث. إن الكلمات الشجاعة، والالتزامات الفارغة، والمشاعر المبالغ فيها، من دون إجراءات ملموسة، لا يمكن أن تكون جزءًا من سياسة خارجية لأي دولة جادة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى