رأي

عز الكلام/ عبد الله بشير.. فيضان التسوية الحالمة

بمثلما فاجأ النيل السودانيين بفيضان غير مسبوق، فإن المواقف التي بدأت تتحدث عن ضرورة الوصول لتسوية إيقاف الحرب قد بدأت تفيض هي الأخرى.. قياس محطات “الخارجيات” يكشف ارتفاعا في مناسيب التنظير وسبر أغوار حجب المستقبل لشكل التسوية، كما أن أم “هلا هلا” قد أمسكت بتلاليب البعض (في موسم الدميرة) فازداد الهذيان بضرورة محاسبة من تسببوا في الحرب “وهي كلمة حق أريد بها باطل”، مع غمر التمنيات والأحلام الوردية لمساحات واسعة من السذاجة السياسية التي جعلت البعض يرددون شعارات: أخرجوا الجيش من المعادلة السياسية نهائيا وأعيدوا الكرة لملعب حكم المدنيين ليحكموا السودان وفق رؤيتهم.. هذه التمنيات كأمواج النيل المتفلتة في الليل التي تحاول مفاجأة “أهل الفزعة” وهم يحرسون التروس والجسور الترابية من جنون فيضان الهلاميين، لأحداث شرخ هنا أو هناك ليتسللوا خلسة إلى مشهد مرحلة ما بعد الحرب.
سؤال اليوم التالي للحرب بات يشغل الكثيرين، وتجليات إطلاق العنان للأفكار وصل لدرجة الحديث عن مصالحة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع ثم إعادة الحرية والتغيير (بتعدد فساتين السهرة) إلى الواجهة لحراسة بوابات”لجنة إزالة التمكين”.. (وكأنك يا أبوزيد….)
مساكين هؤلاء الذين يتمنون ويمنون علينا بعقلانيتهم عندما قالوا لا للحرب.. أراحوا انفسهم  من شرها وشرارها ولم يذوقوا أهوالها مع السودانيين.. وبعد أن اقتربت أشراط التسوية أقبلوا وقالوا: (تستاهلوا).. ألم نقل لكم.. (مشيتوا وجيتوا لكلامنا)..
إجابة هؤلاء على سؤال اليوم التالي كانت هي: الرجوع لمربع ما قبل اليوم السابق “بالفرمتة وإعادة ضبط المصنع”.. يطالبون بإرجاع السلطة “لناسها” مثل صحن الصيني لا فيها شق من رايش طلقة ولا طق من ضربة مسيرة..
على كل فإن “فئة الفراجة” تعتقد أن حوبتها قد جاءت.. ولتذهب تضحيات السودانيين وصمود جيشهم ومشتركتهم مع الرياح.. (ما الذي أجبرهم على ركوب الراس ومواجهة المؤامرة)!!.. لماذا واجهوا كيد المليشيا  بعدتها وعتادها الضخم.. لما لم (يعملوا رايحين) وتصدوا للتخطيط والدعم الخارجي.. كان المطلوب ببساطة (الخنوع) لتقليل الخسائر.. ألم يعلم شعب السودان أن مشهد ما بعد فيلم الأكشن سيكون: ان الحالمون هم من سيحكمون”!!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى