رأي

ملف المعتقلين.. “قَرْصة في الورك”!

عبد الله بشير

على منوال ملحمة العطبراوي “كل أجزائه لنا وطنُ”.. يمكن القول أن أي مناطق تتواجد فيها المليشيا تصبح لأهلها “معتقلُ”..

تقرير “شبكة أطباء السودان” الذي أصدرته أمس كشف بالارقام عن العدد المهول من الأنفس الذين تحتجزهم الدعم السريع في ولايات دارفور وحدها، والذي تجاوز 19 ألف مختطف ومحتجز قسريا (وهذا هو الوصف الدقيق الذي تشير إليه تقارير الأمم المتحدة).. التقرير سلط الضوء على ما يجري في معتقلات وأماكن احتجاز تفتقد لأبسط مقومات الإنسانية أشهرها سجن دقريس وكوبر بولاية جنوب دارفور ومناطق أخرى في إقليم دارفور، وسط ظروف وصفها بيان الشبكة بـ”الكارثية” تتسبب في وفيات يومية.

ونقلت الشبكة عن مصادرها داخل مدينة نيالا أن المحتجزين يضمون عسكريين من القوات النظامية وآلاف المدنيين، بينهم أطباء ونشطاء وإعلاميون.

هذه المعتقلات غير الرسمية تُستخدم لاحتجاز هذه الأعداد الهائلة مع انتشار وباء الكوليرا وأمراض معدية أخرى بسبب الازدحام الشديد وانعدام النظافة والمياه النظيفة والإهمال الطبي.

ويعضد التقرير ما ذهبت تقارير سابقة رسمية وغير رسمية عن واقع المحتجزين، وما يجري في هذه المعتقلات يتطابق مع ما جرى في معتقلات الخرطوم ومدن أخرى ابرزها الفاشر والتي ما زال جرحها نازفا وما جرى فيها من فظائع يتردد صداه عالميا..

سبق دخول المليشيا إلى مدينة الفاشر الكشف عن وجود معتقلات سرية بالمدينة تضم عددًا كبيرًا من النساء المحتجزات بواسطة مليشيا الدعم السريع، وذلك في ظل تعتيم أمني مشدد وتكتم تام على أوضاعهن، وارتكاب انتهاكات مروّعة بحق هؤلاء النساء المعتقلات.. تبع ذلك ممارسات طالت النساء والرجال على حد سواء منها التصفية والشنق على جذوع الأشجار..

رغم كل الانتهاكات الموثقة ضد من تختطفهم المليشيا وتحتجزهم قسريا وما يترتب عليه من نهايات مأساوية بالوفاة تعذيبا أو جوعا أو إهمالا، رغم كل ذلك يظل التحرك الرسمي في هذا الملف خجولا باتجاه تصعيده قانونيا ودبلوماسيا، التحرك المطلوب لا لإدانة المليشيا فحسب بل ما يؤدي إلى الضغط المفضي لإنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح البريئة المحتجزة..

الجهات الرسمية لا تتحرك في الملف بجدية، ولا تتيح لمنظمات المجتمع المدني التحرك أو تدعمها في أي مساع في هذا الاتجاه.. وقد كشف استطلاع للرأي العام تم خلال شهر مايو الماضي عن خيبة أمل في التعامل الرسمي والإنساني مع قضية الأسرى والمحتجزين قسرياً في السودان.

أما المنظمات الوطنية التي تنشغل بقضايا إنصرافية تنفق فيها الاموال الطائلة لم ترتق بعد إلى مستوى التحدي الإنساني المفروض عليها..

اذا استمر التجاهل الداخلي للملف، فلا تلوموا تخلي المنظمات الدولية ومنابر حقوق الانسان عن دورها الأخلاقي، وصمتها عن مأساة بشعة تجري في العلن..

هل هناك أذن تسمع ما نقوله؟؟..

abdoosh94@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى