
الخرطوم/ سودان ديلي
كشف استطلاع للرأي العام أن الشائعات حول الفساد قد تزايدت بشكل لافت بعد اندلاع الحرب في السودان، وهو ما عبر عنه 87.2% من المشاركين في الاستطلاع.
ورأى 64.1% من المستطلعين أن الحرب بمختلف تأثيراتها ساهمت بشكل كبير في ازدياد الفساد، و28.3% قالوا “إلى حد ما”، وتخالفهم الرأي نسبة 5.6% نفت التأثير.
وطرح مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام استطلاعا شاملاً بهدف رصد اتجاهات الرأي العام السوداني حول واقعا وشبهات الفساد ، ومستوى الثقة في مؤسسات الرقابة، وتقييم مدى تأثير تلك الظواهر على حياة المواطنين والخدمات العامة، إضافة إلى استجلاء آراءهم بشأن سبل المكافحة الممكنة في الظروف الراهنة.
وفي شهادة قاسية، قال 49.2% إن الفساد في المؤسسات العامة “مرتفع جدًا”، و35% قالوا إنه “مرتفع”، وقاربتهم نسبة 11.2% وصفوه بـ”المتوسط”، بينما عارضتهم بقوة نسبة 4.6% قالت إنه “منخفض”.
من خلال الاستطلاع، لم يفرق المشاركون كثيرًا بين الفساد المالي أو الإداري بشكل منفصل، بل رأوا تحالفًا شرسًا مزدوجًا ينهش جسد المواطن السوداني؛ فقد أجاب 89.5% بأن مظاهر الفساد المنتشرة هي فساد مالي وإداري معًا، و6% قالوا إداري فقط، ونسبة 2% ترى أنه فساد مالي فقط، و2.5% ذكروا أنهم لا يدرون. لكأنما الإجابة تريد القول: باتّحاد المال والإدارة في جريمة واحدة ضد الوطن!
بحثًا عن أسباب هذا التمدد والانتشار، فقد أكدت 94.9% من المستطلعين أن غياب الرقابة والمحاسبة هو السبب الرئيسي وراء تفشي الفساد. ونسبة 2.6% نفت أن يكون غياب أجهزة المحاسبة هو السبب.
وقياسًا للثقة بين الناس والأجهزة الرقابية، فقد وصف 38.7% ثقتهم بأنها “ضعيفة”، و19.6% قالوا إنها “منعدمة”، في مقابل 28.1% توسطوا في الإجابة حينما وصفوها بـ”متوسطة”، و13.6% من المشاركين أكدوا أن لديهم “ثقة كبيرة” في الأجهزة الرقابية.
وأيّد 93.8% تفعيل أجهزة مكافحة الفساد فورًا دون تأجيل، بينما فضل 5.6% تأجيلها.
8/ عند سؤال المشاركين عن الجهة التي يعتقدون أنها الأكثر قدرة على مكافحة الفساد، مع إتاحة اختيار أكثر من جهة، أجابت نسبة 59.8% أن القضاء هو الأكثر قدرة، و58.3% رشحوا الحكومة المركزية، و46.2% قالوا المبادرات المجتمعية. في حين تبدى اليأس لدى نسبة 11.6% ذكرت بصراحة أن “لا أحد قادر حاليًا على محاربة الفساد في الوضع الراهن”.
وعند سؤال المشاركين عن الوسائل الأنجع لمكافحة الفساد، أجمع 85.9% على أن المحاسبة العلنية للمفسدين هي السلاح الأقوى، تليها الشفافية المالية، والتقارير الموجهة للرأي العام، وإشراك المجتمع المدني. ويبدو أن الرأي العام لا يريد عدالة تتم خلف الأبواب المغلقة، بل على مرأى من الوطن كله!
من خلال الاستطلاع، بدا مهمًا الإشارة إلى ضعف الثقافة القانونية لدى عينة المشاركين، وهي مأساة حقيقية؛ فقد قال 60.9% إنهم فقط سمعوا بقانون مكافحة الثراء الحرام، و29.9% يعرفونه جيدًا، بينما 9.2% لا يعرفونه إطلاقًا. وبالتالي، يصبح من الأهمية بمكان طرح السؤال: كيف يُقاتل المواطن الفساد وهو لا يعرف أدوات المواجهة؟
وتأكيدًا لغياب الكفاية في التشريعات والنصوص القانونية الحالية، رأى 37.2% من المشاركين أن البلاد تحتاج إلى تصميم وابتكار قوانين وتشريعات جديدة تمامًا، بينما أشارت نسبة 35.2% إلى إمكانية تحسين القوانين الحالية بالتعديلات المناسبة، في مقابل نسبة 18.1% فقط يرون أن القوانين كافية، وأن العلة ربما تكمن في الإرادة والعزم والتصميم.
وافترض المشاركون في الاستبيان، عند منحهم فرصة تعدد الخيارات، أن هناك العديد من العقبات تحول دون محاربة الفساد وتطبيق القانون بشكل قوي؛ حيث اعتبرت نسبة 68.8% أن التدخلات السياسية والقبلية والأمنية هي المعوق الأكبر، و64.3% أشاروا إلى غياب الإرادة السياسية، و60.3% إلى ضعف الأجهزة العدلية، فيما حمّل 34.7% الحرب المسؤولية، وقالوا إنها شبكة معقدة تخنق كل محاولة للتطهير.
وسعيًا لتكريس وزيادة فرص القضاء،على مظاهر الفساد ، أيدت نسبة 80.3% إنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة الفساد، هيئة تُطهّر ولا تتبع، وتعاقب ولا تتواطأ. في حين رفضت قيامها 16.2%.
ورأى المشاركون في الاستطلاع أن المعركة ضد الفساد لن تنجح بدون شراكات رقابية تجمع بين الإعلام والمجتمع المدني؛ فقد قال 58.3% إن إشراك المجتمع المدني في الرقابة ضروري جدًا، و33.2% قالوا “نعم، ولكن بشروط”، و8% يرفضون مشاركة الإعلام والمجتمع المدني، والبقية بلا رأي.
بحسب رأي 49.7%، فإن الحرب وظروف غياب أجهزة الرقابة والمحاسبة وفّرت غطاءً عميقًا للفساد، بينما قال 47.2% إنها لم تؤثر، ولم توفر أي غطاء، وإن الحرب تخفي كل شيء ما عدا جرائم الفساد.
وأظهرت نتائج الاستطلاع وجود قناعة عالية بتأثير الحرب في جعل الفساد مبررًا أو مقبولًا. وعند سؤال: “ما هو تأثير الحرب في جعل الفساد مبررًا أو مقبولًا لدى بعض الجهات أو الأفراد؟”، جاءت الإجابات كالتالي:
• 53.8% قالوا: كبير جدًا
• 25.6% قالوا: متوسط
• 8.5% قالوا: ضعيف
• 12.1% قالوا: لا يوجد تأثير
يقينًا أن طاولة حكومة د. كامل إدريس هناك، لكن الرأي العام حدّد وجهته بوضوح؛ حيث قال 65.8% إن مكافحة الفساد يجب أن تكون “أولوية قصوى”، فلا نهضة بدون تطهير، ولا حكومة بدون مصداقية. بينما قالت نسبة 29.1%: “نعم، ولكن إلى جانب أولويات أخرى”، و3.1% يرونها غير أولوية، والبقية لا يعلمون.
ورغم كل الألم، لا يزال الأمل يتنفس بين الركام؛ فقد عبّر 62.5% عن تفاؤلهم بحدوث تطور في مكافحة الفساد في الفترة القادمة، ونسبة 28.5% لا يشاركونهم الأمل، و9% مترددون. إنها شعلة ضوء في نفق طويل…ير الحرب في جعل الفساد مبررًا أو مقبولًا. وعند سؤال: “ما هو تأثير الحرب في جعل الفساد مبررًا أو مقبولًا لدى بعض الجهات أو الأفراد؟”، جاءت الإجابات كالتالي:
• 53.8% قالوا: كبير جدًا
• 25.6% قالوا: متوسط
• 8.5% قالوا: ضعيف
• 12.1% قالوا: لا يوجد تأثير.