رأي

عز الكلام/ عبد الله بشير… مدنياااو في زمن الحرب!

تفاجأ ركاب الحافلة التي كنا نستغلها من الخرطوم إلى أمدرمان، عندما أوقفها ذلك الشرطي عند أحد الإرتكازات وطلب من الركاب أبراز هوياتهم.. لم يكن معظم الركاب في وضع الإستعداد للإجراء بعد ان اعتادوا الحركة دون قيود… بعضهم قال بلسان حاله : “ليه هو البلد فيها حرب” ثم ما لبث أن تذكر ان البلاد ما زالت فعلا في حالة حرب.. مرت الحافلة بعد وقت وجيز من التوقف بفضل خبرة وحنكة الشرطي الذي دقق في هويات الركاب ثم سمح بالإنصراف.

رغم الحرب وما تستدعيه من إجراءات أمنية، إلا ان المواطنين بعد عودتهم إلى الخرطوم باتوا يمارسون حياتهم بصورة طبيعية خاصة مع إختفاء المظاهر العسكرية رويدا رويدا.

من الجيد أن يكون هناك تفهم لضرورة ان يشعر الناس انهم يعيشون بلا قيود أو تكبيل، ومع تعيين حكومة مدنية “كاملة الدسم” أصبح هناك ارتياح أكبر لعدم وجود محاذير في حرية التعبير عن الرأي في الخدمات التي تقدمها الحكومة.. بإمكان أي مواطن أن ينتقد الوزير والوزارة والمحلية علنا في مستوى الخدمات المقدمة دون ان يضطر للهمس او “الطنطنة”.. يمكن للإعلام ولوسائل التواصل أن تشير لأوجه التقصير وأن تطالب بإقالة أي مسؤؤل، دون أن يقدح ذلك او يتعارض مع موقفها الوطني الداعم لجيشه في حربه ضد من يسعون لسلبه حياته وكذلك حريته التي صادرتها المليشيا، الدعامة خلال إقامتهم القصيرة قيدوا حياة الناس، وكانوا يعدون عليهم أنفاسهم ويتجسسون عليهم ويتصنتون لما يقولون.. وبسبب الشكوك وسوء الظن اعتقلو وعذبوا وازهقوا أرواحا كثيرين رغم إدعاءهم بأنها قادوا الحرب لجلب الديمقراطية..

الحرية كما الأمان هي إحدى النعم التي عادت للمواطنين في أي منطقة تم تحريرها من المليشيا.. الآن صار بالإمكان أن “ننشن على تخت” حكومتنا المدنية كيفما نشاء، نطالبها بإصلاح الحال المقلوب وان تستقيل إن لم تستطيع إكمال المهمة..

الحرب علمتنا أن المدنية والحرية قيمة غالية وانها ليست مجرد شعارات ويجب ان لا تكونا مدخلا للفوضى.. وكما نمارس مدنيتنا بلا حدود فإن حسنا الأمني أيضا يرتفع بلا سقف.. فما تعرضنا له من خذلان وخيانة خلال الحرب يجعلنا ندرك أن المدنية لا تعني الوداعة وأن “ندير خدنا الأيمن لمن لطمنا على الأيسر”..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى