
يوم المشاهد المروّعة
عبد الله بشير..
فعلت مليشيا الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر كافة أنواع الانتهاكات التي لا يمكن أن يتصورها العقل، بلغت الجرأة بأفراد المليشيا بعد دخولهم للفاشر أن قاموا بممارسة القتل والتصفية الممنهجة والإبادة الجماعية والإغتصاب والتعذيب، وكأن المهمة التي ارسلوا من أجلها ليس القتال من أجل السيطرة على المدينة، بل تحدى العالم والاستخفاف بمبادئ الأمم المتحدة وقبر العهود والمواثيق التي وقفت عاجزة عن ردع المليشيا عن ممارسة وحشيتها في التعامل مع المدنيين.. وذلك منذ أن قامت بحصار المدينة منذ العام الماضي وفرض الموت البطئ على أهلها بمنع الطعام والعلاج عنهم ومقابلة من اتخذ قرار الخروج بالتنكيل والبطش والإماتة..
بالامس اجتاحت وسائل التواصل مشاهد قيام المليشيا بقتل المرضى في المستشفيات الذين لم تغادر منهم أحدا، وأزهقت الانفس البريئة ولم يسلم من شرها المستطير النساء ولا الأطفال ولا العجزة الذين لاحقتهم في رحلة الهرب من بطشها وعلقت لهم المشانق وحفرت للرجال الأخاديد لتقوم بقتلهم بدم بارد بل إنها قامت بتوثيق جرائمها غير عابئة بالعواقب، لأنها تدرك أن من أمن العقوبة أساء الأدب.. وأن من غضوا الطرف عن ممارساتها البعيدة عن الإنسانية منذ بدء الحرب في أبريل 2023 لن يفعلوا شيئا أمام ما تقوم به الآن، إلا بالقدر الذي يخدر غضبة الأحرار في العالم الذين هزهم ما رأوه في الفاشر وحرك ضميرهم فعبروا عن تضامنهم مع أهل الفاشر.
المحير هو موقف الكثير من الدول والعواصم التي استكثرت في بيانات الإدانة الباردة التي أصدرتها أن تشير إلى الفاعل في جرائم الفاشر المروعة، واكتفت بالاستنكار والشجب لما جرى.. ويحمد للقليل من الدول أن سمت الاشياء بمسمياتها وحملت مليشيا الدعم السريع المسؤولية كاملة عن فظائع الفاشر..
سيجتمع مجلس الأمن الدولي في جلسة طارئة ستنقلها الفضائيات خلال ساعات.. وستتبارى الدول العظمى في الظهور الإعلامي وتقديم البيانات، وحتما سيتم وصف ما جرى ويجري في الفاشر بالمروّع، وستعبر الأمم المتحدة والمنظمات عن قلقها.. وسيتم المطالبة بوضع حد للحرب و”ضرورة الضغط على الطرفين”.. ثم ينفض السامر.
ليس أمام السودانيين إلا ان يواجهوا قدرهم وحدهم ويستكملوا رحلة الدفاع عن وطنهم وشرفهم “مُتحدّين الموت عند المحن”..
abdoosh94@gmail.com







