رأي

يوم وسط نازحي الفاشر وكردفان

عبد الله بشير

وصلت أعداد كبيرة من أهلنا في مدن الفاشر وبارا وأم دم حاج أحمد ومن قرى وفرقان مختلفة إلى ولاية الخرطوم فرارا من بطش مليشيا الدعم السريع.. جاء هؤلاء بعد دخول المليشيا إلى الفاشر ارتكابها للفظائع، ليصبح ما فعلته هناك أنموذجا في الإجرام كررته في أي منطقة تتواجد فيها.. خلال جولة ببعض مناطق أم درمان التي استقبلت الفارين من الجحيم، سمعت قصصا عن لاقوه من ويلات من المليشيا وجنودها المتوحشين في مناطقهم، والذين لم يردعهم شئ عن تصفية المواطنين الأبرياء بدم بارد، وقد لقى كثير من الرجال حتفهم خلال محاولتهم الخروج مع أسرهم، وهناك من أسعفه الحظ في النجاة من الموت لكنهم فرّقوه عن أسرته ولم يسمح له بمرافقتها في رحلة النزوح والبحث عن مكان آمن، فبقى ليواجه مصيرا مجهولا وسط أوباش المليشيا الذين لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا وليس لديهم حرمة لإمراة أو طفل رضيع..

وصل هؤلاء الفارون في أسوأ حال نتيجة المشي المتواصل او ركوب الشاحنات “اللواري” في رحلة طويلة انتهت بهم إلى أمدرمان حيث الأمان..

في أحد القرى بمحلية كرري وصلت مجموعة تتكون من 170 أسرة وفيهم الكثير من النساء والأطفال والقليل من الرجال بعد أن تركوا كل ما يملكون من زروع وماشية ومساكن وراءهم.. وتم تجرديهم من أي شئ كانوا يحملونه معهم حتى الأمتعة الخفيفة والزاد الذي كانوا يحملونه، وكثيرون صادروا منهم أوراقهم الرسمية التي تثبت هوياتهم، فوصلوا لا يسترهم إلا الملابس التي يرتدونها وكثير منهم يعاني من الهزال والمرض.. اما الأطفال فحالهم يبكي القلوب وقد عانوا مشقة السفر مع ذويهم ووصلوا “البقعة” بحالة صعبة وقد اصابهم التعب ونهشت أجسادهم الأمراض.

كعادة السودانيين فقد فتحوا للقادمين البيوت فسكنوا مع الأسر في المنطقة وتقاسموا معها اللقمة والهم، وجالسوهم ليستمعوا منهم لقصصم وما لاقوه من معاناة فاقت كل ما هو معقول، لعلهم يخففوا عنهم قليلا مما تحمله صدورهم من أحزان وهموم.

تحدثت إلى بعض المشرفين على ترتيب أوضاع القادمين، خلال انشغالهم بأمر توزيع الوجبة من قليل مساعدات حملتها بعض المنظمات، وهم قد خبروا كيفية التصرف في مثل هذه المواقف رغم قلة ما هو موجود.. فعلمت أنهم يعملون ما في وسعهم للتواصل مع الجهات الرسمية والمنظمات لتقديم العون اللازم للنازحين..

وهذه دعوة للمؤسسات والمنظمات والخيرين وعامة مواطني الخرطوم ليمدوا يد العون لإخوانهم في الوطن والذين يحتاجون إلى المواد الغذائية وتوفير الأدوية للمرضى منهم وكذلك الأغطية مع دخول فصل الشتاء، فقد كان مقصد هؤلاء هذه الولاية لأنهم متأكدون أنهم سيجدوا من يحتضنهم ويوفر لهم الطمأنينة التي غابت عن مناطقعم التي نزحوا منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى