ربوع السودان

لن ننتصر انتصاراً حقيقياً وبيننا “هؤلاء” (1)

نبض للوطن
أحمد يوسف التاي
(1)
غداة خروجي من الإعتقال ، أخذ ابن أخي ذو الاربعة أعوام هاتفي ووجه لي حديثاً هامساً بصوت مبحوح حزين:(التلفون دا تاني ما بديك ليهو، عشان تاني ماتكتب في الدعامة ويقبضوك تاني ويسجنوك).. توقفتُ ليلتي كلها أتأمل هذه العبارة، التي خففت علي الكثير مما يعتملُ في صدري فكانت تلك العبارة سلوى وبلسماً لجُرحٍ أحاولُ الضغط عليه وأتخطى أوجاعه..فعلاً لو لم يكن الذين وشوا بي زوراً وبهتاناً (دعامة) سلوكاً ومنهجاً وأخلاقاً فماذا يكونون..
عرفتم كيف كان الطفل صائباً حكيماً موفقاً في الوصف..
(2)
ضابط في ميليشيا الدعم السريع برتبة رائد وجدته في غرفة الحبس التي وصلتُها مع وجه الفجر ، حاول أن يتجاذب معي أطراف الحديث فبدا في حديثه نادماً متحسراً على الهزائم التي مُنوا بها بسبب من سماهم الشفشافة والمجرمين الذين تخللوا صفوفهم..
والحق أني لم اتحمس للحديث معه وشككتُ كثيراً في أمره..ومع ذلك وجدتُ في حديثه ضالتي وهو الشاهد في مقالتي هذه:(إحتشاد صفوف الميليشيا بالمجرمين والسفلة والمغتصبين واللصوص وسارقي الحمير والبقر والجداد) هو ما عجل بهزائمها المتلاحقة الآن رغم أنها مسلحة بأحدث الأسلحة المتطورة، مع أحدث التكنولوجيا والأموال والرجال من الخارج ورغم السند الدولي والإقليمي…
(3)
مَن مِنَّا لايريد الإنتصار على “الجنجويد” وأعوانهم؟ ومن مِنَّا لايريد أن يرى السفلة القتلة والمغتصبين هلْكَى بأيدينا أو مقرَّنين في الأصفاد؟ ومن منا لا يدعو الله بأن يُمكِّننا من كل ظالم قد سعى في الأرض فساداً، سرق ونهب وأخذ ما ليس له بحق ومارس سلوك لصوص الجنجويد فأصبح منهم سلوكاً وأخلاقاً..
والإجابة على الأسئلة أعلاه رغم بساطتها فهي صعبة للغاية..
نستبين صعوبتها عندما نقرأ قول الحق عزّ وجل:(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)..نحن نريد من الله انتصاراً على عدونا دون إستيفاء لشروط النصر.. وهذا لن يحدث أبداً…فالانتصار على العدو مشروط بقول الله أعلاه، ومن اصدقُ من الله حديثاً؟ ومن أوفى من الله عهداً وذمة؟
(4)
صحيح أن المعركة الآن تبدو على خواتيمها، وقد يغتر بعضنا بما تحقق من انتصارات ويجدون أنفسهم قاب قوسين أو أدنى من الانتصار النهائي ، فيأمنون مكر الله ،وينسون شرط الانتصار الحقيقي:(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم) ولايلقون لهذا الشرط بالاً.. ونصر الله لا يكون إلا بحفظ حدود الله والقسط والعدل والانتصار للحق وتجنب الظلم والفساد وأكل أموال الناس بالباطل وتجنب حماية المفسد..هذه حقائق مجردة لا مزايدة فيها ولا كلاماً للاستهلاك السياسي…عايزين نصر من الله افعلوا هذا .. اللّهم إلا إن كنتم في غنى عن عون الله..
(5)
لن ننتصر إنتصاراً حقيقياً يثلجُ صدور المظلومين والمقهورين والمفجوعين ويشفي صدور قومٍ مؤمنين إذا كان بيننا اخطر الخونة والفاسدين …
لن ننتصر إنتصاراً حقيقياً إذا كان بيننا متنفذين من مردة النفاق من ذرية ابن سلول قاتلهم الله وهم يقودون خطامنا..
ولن ننتصر إنتصاراً حقيقياً إذا كان بعضنا يضاهي قول العدو الذي نحاربه ، وفعله وممارساته، فلابد أن يكون الحق مميزاً عن الباطل في كل شيء وإلا هم ونحنُ سواء نفعلُ مايفعلون نسرق ونهب ونقهر مثلما كانوا يفعلون.
(4)
الحق لايحتاج إلى مساندة أهل الباطل والفاسدين وإن كانوا الأعلى صوتاً، والأمضى زِنْداً، والأقوى نفوذاً، لأن الله الذي تعهد بنُصرة الحق أقوى منهم جميعا..
ولكم في ميليشيا الدعم السريع (آية) ..رغم إمكانياتها الهائلة وأسلحتها الحديثة وكثرتها تلاحقت هزائمها لأنها استنصرت باللصوص والحرامية والنشالين وعتاة المجرمين الذين يحاربون الله ورسوله ، فهزمهم الله، ولم نهزمهم..
الآن وقد لاحت بشائر النصر لاتغتروا واخشوا ما حدث للميليشيا التي حشدت اللصوص والمغتصبين في صفها واستنصرت بهم وسلمتهم أمرها
لذلك نقول وبالصوت العالي :ابعدوا عن الصف الوطني كل مشبوه كل سارق وكل لص ومغتصب، وتذكروا دائماً قول الله تعالى :(إن تنصروا الله ينصركم…)
(5)
فقط أنصروا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ومعرفة حدوده فلا تعتدوها، وإلا فانتظروا ما ليس منه بد وعداً غير مكذوب..ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا..
فلاتجعلوا بينكم فاسداً أو ظالماً لتستنصروا به، ولاتولوه أمركم فهذا لعمري هو ما يُبعدكم عن النصر وإن تراءى لكم في متناول اليد…
وتذكروا أن النصر مشروط بالانتصار لله على النفس الأمارة بالسوء أولاً ،والانتصار على الممارسات الفاسدة الظالمة والطغيان والباطل ..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى