حقل بليلة.. قصة 1.3 مليون برميل نفط تواجه حروبًا شرسة
السودان نحو 7 ملايين برميل نفط نتيجة إغلاق عدد من مواقع الإنتاج، وتخريب مستودع الخام في مصفاة الخرطوم
متابعات
نشر موقع الطاقة مقالا تحت هذا العنوان بقلم احمد بدر جاء فيه:
يُعد حقل بليلة أحد أهم الحقول المنتجة للنفط الخام في السودان، على الرغم من كونه محورًا لكثير من المعارك السياسية والعسكرية، التي دارت في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
ويُعد هذا الحقل الوحيد المنتج لخام النفط الثقيل في السودان، وهو المصدر الرئيس لتغذية مصفاة الخرطوم بهذا النوع المهم من النفط، الذي يُسهم في إنتاج مختلف المشتقات لتلبية الطلب المحلي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وسبق أن تعرّض حقل بليلة النفطي في السودان أكثر من مرة لأحداث عنف، سواء في عام 2022 لأسباب ترتبط بتعديل الأحوال المعيشية للعاملين فيه، أو في عام 2023، لأسباب ترتبط بالحرب الأهلية في البلاد بين قوات الدعم السريع، وقوات الجيش الوطني.
ويخضع حقل بليلة النفطي في الوقت الحالي لسيطرة وزارة الطاقة والنفط السودانية، التي تعلّق عليه آمالًا كبيرة للتطوير، بما يُسهم في زيادة إنتاج البلاد من النفط الخام الثقيل، ويدعم الاقتصاد الوطني للدولة التي تعاني أزمات طاحنة بسبب الحرب الدائرة منذ أشهر طويلة.
معلومات عن حقل بليلة النفطي
يقع حقل بليلة النفطي على بُعد 55 كيلومترًا عن مدينة الفولة عاصمة محافظة غرب كردفان، وهو الحقل الرئيس المغذي لمصفاة الخرطوم، إذ يمدها باحتياجاتها من خام النفط الثقيل، لا سيما أنه المنتج الوحيد في السودان لهذا النوع من النفط.
تتشارك وزارة الطاقة والنفط في السودان، في إدارة الحقل النفطي مع شركات عاملة في مجال النفط بالصين، التي شهدت خسائر كبيرة جراء الأحداث السياسية الحالية في البلاد، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وشهد حقل بليلة أحداثًا متصاعدة، بدأت في 30 أكتوبر 2023، عندما استهدفته قوات الدعم السريع، خلال صراعها المسلح مع قوات الجيش السوداني، الأمر الذي أدى إلى توقف الإنتاج في الحقل، وخروج 8 آبار نفطية من الخدمة.
وأسفر هذا الهجوم المسلح عن تراجع إنتاج مصفاة الخرطوم بصورة كبيرة، إذ حافظت على العمل بمستويات تكرير ضعيفة للغاية، الأمر الذي تسبب في حدوث حالة عجز شديدة في المنتجات النفطية بالأسواق المحلية السودانية.
وفي 15 نوفمبر 2023، بدأت وزارة الطاقة والنفط محاولاتها لاستعادة الإنتاج في الحقل، إذ أجرت تقييمًا لحقول مربع 4، في مناطق نيم وكنار ودفرا، بجانب إرسال فريق التشغيل؛ لاستئناف عمليات الإنتاج مجددًا، على الرغم من استمرار النزاعات العسكرية.
وفي مارس 2022، شهد حقل بليلة أحداثًا عنيفة، في ظل تعرضه لهجوم، ولكنه هذه المرة لم يكن عسكريًا، وإنما من جانب المواطنين، وذلك احتجاجًا على عدم تقديم شركات النفط خدمات صحية أو مياه شرب نظيفة، وكذلك عدم استيعاب أبناء المناطق النفطية للعمل في هذه الشركات.
وعلى مدار السنوات الماضية، واجه الحقل النفطي المهم عمليات تخريب، استهدفت وحدات تجميع النفط والغاز، خاصة وحدة “زرقة أم حديد”، لأسباب مختلفة، من بينها الأحداث السياسية والاحتجاجات الفئوية.
احتياطيات حقل بليلة
تبلغ احتياطيات حقل بليلة من النفط الخام الثقيل نحو 1.3 مليون برميل، ويتشارك السودان -ممثلًا في شركة “بترو إنرجي المحدودة”، وحكومة ولاية غرب كردفان، والقوات النظامية، والإدارة الأهلية- مع الصين في إدارة الحقل.
ويمد الحقل مصفاة الخرطوم باحتياجاتها من النفط الثقيل، بما يضمن استمرار تزويد الأسواق السودانية بمختلف أنواع الوقود والمشتقات النفطية التي تحتاج إليها، لذلك دائمًا ما تشهد الأسواق اضطرابات كبيرة في حالة توقف إنتاج الحقل أو تعرضه لأزمات توقف عمله.
الصورة: مصفاة الخرطوم
ويُعد الحقل إحدى أكثر المناطق الإنتاجية التابعة لقطاع النفط السوداني التي تعرضت لهجمات متباينة الأسباب، على الرغم من أن الحقول الأخرى، مثل حقل “بامبو”، تشهد بدورها أحداثًا متصاعدة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وكان حقل بليلة قد شهد تراجعًا في إنتاجه بصورة كبيرة جراء الأحداث المتسارعة، إذ تراجع إنتاجه من 70 ألف برميل يوميًا، مسجلة في شهر سبتمبر 2021، إلى 14 ألف برميل يوميًا فقط في أبريل 2023، أي قبل انطلاق الحرب الأهلية في البلاد.
وكان وزير الطاقة الدكتور محي الدين نعيم محمد سعيد، قد كشف عن أبرز تطورات قطاع الطاقة في السودان خلال الآونة الحالية، وملامح خطته الإستراتيجية للنهوض بالخدمات المقدمة إلى المواطنين.
وتحدث الوزير إلى منصة الطاقة (مقرها واشنطن) عن حاجة السودان إلى المزيد من الاستثمارات، لتعزيز البنية التحتية التي دمرتها الحرب الداخلية، لا سيما في قطاعي النفط والكهرباء، فضلًا عن ضرورة توحيد الجهود الداخلية لعودة الاستقرار واستئناف العمل في مواقع الإنتاج المختلفة.
وتطرّق الدكتور محي الدين نعيم في حواره إلى فقدان السودان نحو 7 ملايين برميل نفط، نتيجة إغلاق عدد من مواقع الإنتاج، وتخريب مستودع الخام في مصفاة الخرطوم، ما أدى إلى فقدان 210 آلاف برميل، وتدمير مستودعات الجازولين والغاز.
ولم تتوقف عمليات التخريب عند هذا الحد، وإنما طالت محطات الكهرباء في عدد من المناطق، وسرقة العديد من المعدات والأجهزة باهظة الثمن، ثم امتدت إلى تدمير المنشآت نفسها.
ورغم الأوضاع الحالية وحجم الخسائر، يبذل وزير الطاقة وفريقه جهودًا مضنية لاستئناف الإنتاج وعودة حقول النفط المغلقة، بالإضافة إلى محادثات مستمرة مع المستثمرين وبعض الدول التي ترتبط مع الخرطوم بمشروعات مشتركة، وفي مقدمتها مصر وإثيوبيا.