رأي

معركة السودان.. قراءة في كف فبراير

عبد الله بشير
بدأ السودانيون يتنفسون الصعداء ويأملون في استعادة الوضع الطبيعي لحياتهم ودولتهم، بعد أن نجحت معركة الكرامة والتحرير التي يتقدمها الجيش السوداني بمساندة أصحاب القضية، ومن خلفهم جموع الشعب المنتفض لكرامته، نجحت في قهر مليشيا الدعم السريع في أيام معدودات والحاق الهزائم المتتالية بها، وتحرير المدن والقرى تباعا من يد المليشيا التي دخلتها غدرا ونكلت بمواطنيها أشد التنكيل وهجرتهم منها.
هذه الإنتصارات أحدثت فارقا كبيرا على الأرض، مما يدل على كسر استراتيجية “خنق الدولة وأخذ الشعب رهينة”، والتي استخدم الدعم السريع فيها كأداة للتنفيذ، بدعاوى تم إتخاذها مطية ومبررا لاستمرار الحرب، من قبيل القضاء على “الكيزان” وجلب الديمقراطية.. فلم يحصد الدعم السريع وصانعو ثورته المزعومة إلا الكره والمعاداة لأن الوسائل لتحقيق غاياتهم كانت الوحشية وإزهاق الأرواح.
وجاء حصاد الحرب بنتائج عكسية لما أراد المنفذ والصانع، فقد فتح صفحة جديدة بين الإسلاميين والواقع السوداني بعد أن أوقد جذوة الكفاح الوطني فيهم، كما أنه بعث فألا سيئا بالديمقراطية التي تصنع على جماجم الشعوب، لتأتي بقوى “تقدم” التي لم يجد منها السودانيون وهم في عز جمرهم، سوى أحاديث الغرف المكيفة والتمنيات الطيبة بوقف الحرب، بجانب الإدانات الخجولة لممارسات المليشيا “غير الخادشة” لجدار العلاقة معها، باعتبارها رأس الرمح لقلب معادلات الواقع السوداني لصالح قوى “تقدم” ومن خلفها القوى الدولية.
ما يجب قوله أن السودان يربح الآن أهم جولة في الحرب التي فرضها عليه تحالف قوى العالم المتجابنة، ودول الجوار الداعمة وأحزاب الداخل الخائنة.. يربح السودانيون جولة المواجهة العسكرية المباشرة على الأرض والهادفة لتقليم أظافر المليشيا.. إداة تنفيذ مخطط الداعمين لتغيير السودان إجتماعيا وديمغرافيا توطئة للتمكين السياسي والإقتصادي الجديد لهم، هذا يعني أن المعركة ما زالت على أشدها ومازالت لها أبعاد أخرى لابد أن توضع في الحسبان، مع ضرورة تجهيز أدواتها الملاءمة، وذلك لإسناد الإنتصارات العسكرية وقطع الطريق أمام إدخال تعديلات على الخطة (أ) والشروع في تنفيذ بقية الخطط (ب)، (ج) و (د)، وهو ما يجب التحسب له ووضعه في الحسبان.. نواصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى