
ولاية الجزيرة: خسائر الصحة تقدر بـ(50) مليون دولار.. والوزارة باتت بلا ذاكرة- حوار
د. أسامة الفكي وزير الصحة بولاية الجزيرة: المليشيا دمرت 8 محولات كهرباء وقامت بسرقة الطبلونات والمعامل الطبية والأجهزة الكبيرة
غياب التحصين يهدد بدخول أمراض الطفولة وهناك زيادة في معدلات وفيات الأطفال والأمهات
الملاريا وحمى الضنك أصبحت من الأمراض المستوطنة وبدأنا في تنفيذ حملات لرش النواقل
رجعنا.. وقادرون على الوقوف على أرجلنا رغم كل شئ
حوار/ رئيس التحرير
خراب واسع أحدثته مليشيا الدعم السريع في جميع المرافق الرسمية والصحية بولاية الجزيرة خلال 14 شهرا من وجودها في الولاية.. وهو ما أدى إلى وضع يمكن وصفه بالكارثي في الولاية، وهو ما ألقى بتحديات كبيرة أمام حكومة ومواطن الولاية في محاولة إعادة الوضع على ما هو عليه.. (سودان ديلي) جلست إلى وزير الصحة بالولاية د. أسامة عبد الرحمن أحمد الفكي لإلقاء الضوء على حجم الخراب الذي طال القطاع الصحي، وجهودهم في إيجاد المعالجات الإسعافية العاجلة في ظل استمرار عمليات عودة مواطني الولاية بعد التحرير..
حدثنا عن الوضع الصحي بولاية الجزيرة بشكل عام؟
-ولاية الجزيرة هي الثانية بعد الخرطوم من حيث النظام الصحي، ويوجد بها 900 مستشفى ومركز صحي، والموقع الوسط للولاية جعل الحركة نحوها عالية للمرضى من كل الولايات، وتملك الولاية الكثير من الكوادر من جامعات الجزيرة والبطانة والمناقل، كما أن أكاديمية العلوم الصحية تقوم بتفريخ الكوادر الصحية.
هل لمجتمع الجزيرة دورا في الخدمات الصحية؟
-المشاركة المجتمعية لإنسان الجزيرة عالية، خاصة في بناء المراكز الصحية والعنابر والمرافق داخل المستشفيات.. ومن جملة 19 مركز كلى تم أنشاء 16 بالجهد الشعبي.. فإنسان الجزيرة حريص على بلده ومنطقته وشريك مع الحكومة في بناء الخدمات.
كذلك الحال في الطرق والمدارس والآبار الجوفية.
هل هناك ميزانية موضوعة لإعادة إعمار القطاع الصحي؟
-نحن لا نتحدث عن ميزانيات مرصودة وشغالين على مبادرات من داخل الولاية، كما أن الولايات قدمت لنا المساندة مثل البحر الأحمر وكسلا خاصة في عمليات التفويج في إطار التعاون لسد الثغرات والمطلوبات، ومثلت المناقل والقرشي طريقا مفتوحا عند الإغلاق.
ما مدى تأثير وجود المليشيا على قطاع الصحة بالولاية لمدة سنة ونيف؟
-قبل دخول المليشيا إلى الولاية كانت لدينا القدرة على امتصاص الصدمة الأولى، وذلك بقدوم الوافدين من ولاية الخرطوم ضمن برنامج الرعاية الصحية الأساسية في المستشفسات العامة والمتخصصة.
بعد خروج الولاية من النظام الصحي ظهر التأثير على النظام الصحي في السودان ككل. وفي هذا الإطار لابد أن تنهض كل الولايات، وأن يتم التفكير في توزيع الخدمات بشكل متساوي.
هل يعني الخروج من النظام الصحي وصول مرحلة الإنهيار؟
-نحن الآن رجعنا.. واستطيع القول إننا قادرون مع الجميع لوقوف الصحة على أرجلها وتقديم الخدمات للمواطنين.
حاليا نتعامل مع ثلاث درجات، اولا مراكز الصحة الأساسية والتي يبلغ عددها 600 مركز تعرضت لتأثير مباشر بعد تحويلها من قبل المليشيا إلى ثكنات عسكرية.. وتم سرقة الأثاثات والمعامل وألواح الطاقة الشمسية وثلاجات التحصين وغير ذلك، وهو ما أثر على الوضع العام وتقديم الخدمة.
اذن ما هو حجم التأثير الذي أحدثته المليشيا خلال وجودها في ولاية الجزيرة في مرافق الصحة؟
-نزوح المواطنين وهجرة الكادر الطبي بعد دخول المليشيا أثرت على حزم الرعاية الصحية الأساسية.. مثلا فقدنا تحصين الاطفال لمدة سنة مما يهدد بدخول مرض الشلل وغيرها من أمراض الطفولة كما زادت مشاكل سوء التغذية وسط الأطفال، كما أثر الوضع في تقديم خدمات الصحة النفسية، وخروج القابلات، وزادت معدلات وفيات الأطفال والأمهات بسبب عدم قدرة الكادر والطبيب على الوصول إلى المراكز الصحية، وعدم وصول الإمداد الدوائي وسوء الحفظ للأدوية المسروقة.
لاحظنا معاناة المستشفيات في مدني من نقص الادوية رغم الحديث عن وصول قوافل صحية؟
-نجد أن معظم الأدوية منتهية الصلاحية وتباع بأسعار عالية، ونحن الآن بدأنا في مراجعة الوضع برمته. التأثير على المراكز كان بنسبة 70%.
وهناك المستشفيات المرجعية والتي تعاني من مشكلة كبيرة نتيجة تدمير 8 محولات كهرباء وسرقة الطبلونات والمعامل الطبية والأجهزة الكبيرة مثل أجهزة الctc scan وشاشات مراقبة المرضى في العناية المكثفة.
فقدنا جزءا كبيرا من الأسرة وفي مستشفى الاطفال مثلا تبقى 40 سرير فقط من جملة 160. لم تترك المليشيا كرسي ليجلس عليه الطبيب، فضلا عن السماعات الطبية وطابعات صور الأشعة وأجهزة المعامل والمكيفات. وتم سرقة جميع الحواسيب من رئاسة الوزارة وذاكرة وزارة الصحة، وعزاءنا ان العاملين لديهم خبرة طويلة ستمكن من إعادة النظام.
الملاريا أصبحت مستوطنة بولاية الجزيرة ومرض حمى الضنك باعتبار أنها لمدة 14 شهر خالية من مكافحة نواقل الأمراض. كما سجل مرض الكوليرا أعدادا كبيرة في مراكز العزل والمنازل، وهذا تأثير مباشر لسرقة ألواح الطاقة الشمسية من آبار المياه.
بدأنا حاليا بحملة في مدني وجنوب الجزيرة لمدة 32 يوم للرش وتقليل كثافة البعوض وستشمل الحملة بقية المحليات.
بدانا تنفيذ خطط لضمان سلامة المياه ونقل النفايات الطبية لتلافي الأوبئة.
اعتقد أن عودك الكوادر الطبية هي المفتاح في عودة النظام الصحي.
حصلت مبادرات كثيرة في الجانب الصحي من ولايات كسلا، نهر النيل، سنار والبحر الأحمر. وهنا لابد أن أشير إلى مبادرة شباب وأهل القصيرة جنوب الجزيرة، فقد قام أكثر من مائتي شاب بتنظيف كافة المستشفيات وغيروا شكل الميز وبنك الدم ومستشفى الأطفال.
***
بدانا تنظيم العمل في مركز غسيل الكلى، وخلال هذا الاسبوع مركز جراحة الأطفال والعلاج الكيميائي.. انقطاع التيار الكهربائي يشكل عائقا أساسيا وبعودته ستحل 40% من الإشكالات.
التحدى الآن أمامنا في إستعادة النظام الصحي خلال 100 يوم.
***
هناك دعم إتحادي لخطة الإسعاف وكذلك نجد الدعم من منظمة اليونسيف والصحة العالمية، وهناك منظمات تقدمت بطلبات للدخول، ونحن نقوم بمراجعة تقدمه كل منظمة للنظام الصحي، ومدى توافقه مع الخطط الموضوعة.
***
هناك مخزن كبير للادوية بمحلية مدني، وحاليا لدينا 120 طن من الأدوية لكنها غير متنوعة، وهناك تواصل مع الإمدادات الطبية الإتحادية ووزارة الصحة بشأن الدواء.
***
شكل نهب مخازن مخازن الإمدادات الطبية بالولاية مشكلة في سلاسل التبريد، الأنسولين وجرعات التحصين حولناها المناقل..
***
نحن في انتظار عودة التيار الكهربائي لنقوم بتجربة الأجهزة وتحديد مدى صلاحيتها للعمل.. وهناك أجهزة ستتأثر لعدم الاستخدام لأكثر من سنة لنفاد مادة الهيليوم مثلا إضافة لمونيترات المعامل.. تكلفة الخسائر في الاجهزة قد تصل 50 مليون دولار.
***
ليس لدينا أي سجلات تتعلق بحالات الإغتصاب وإن كان التسجيل تم في ولايات أخرى، لكننا حريصون على تقديم الدعم النفسي..