رأي

الجزيرة تحيا بالمبادرات

عبد الله بشير
حكومة الجزيرة تسابق الزمن في محاولة تهيئة الأوضاع، ولو بالحد الأدنى، قبل عودة مواطني الولاية إلى قراهم ومنازلهم.. وهي العودة التي بدأت سريعا بالفعل، لأن مواطني الجزيرة في لهفة للرجوع إلى حياتهم التي ألفتهم وألفوها، سواء في المزارع أو الأسواق أو الوظائف العامة.
كانت فترة ال14 شهرا التي غادر فيها مواطن الجزيرة دياره قسرا صعبة وقاسية عليه، خاصة أن حياة المنافي والمعسكرات لا تشبهه.. قبل قدومنا من بورتسودان حرصت على إجراء استطلاع بسيط وسط العائدين من أهل الجزيرة، علمت أن معظمهم ضاق ذرعا بالوجود في مراكز الإيواء في ظل ضيق فرص العمل في ولاية البحر الأحمر، فإنسان الجزيرة بطبعه منتج، جواد كريم يمن على غيره بالخير.. في بورتسودان قابلت مجموعة من شباب الجزيرة كان من حسن حظهم أن وجدوا عملا بأجر زهيد في محال بالسوق الكبير، عملوا مضطرين لمساعدة أسرهم، وعلمت أنهم حاولوا فتح أكشاك وقيادة مواصلات عامة أو ركشات ولكنهم تراجعوا عن الفكرة لأن هذه الأعمال محتكرة للمجتمعات المحلية، ومن الصعب أن يجد الوافدون موطئ قدم فيها.
المهم أن “أولاد الجزيرة” قد بدأوا العودة إلى أرضهم التي تنتظر منهم أن يعمروها ويزيلوا عنها الدمار الذي أحدثته مليشيا الدعم السريع، فهذا ليس عمل الحكومات وحدها.. فأهل الجزيرة في مدنها وأريافها عرفوا بإعمار مناطقهم وإنشاء مدارسهم ومستشفياتهم ومراكزهم الصحية بالعون الذاتي.
حاليا هناك كثير من المبادرات التي يقوم بها المواطنون وأهل القرى ومنظمات الشباب للنظافة وتقديم العون والتعمير والتأهيل، وهي مبادرات تؤدي غرضها في إصلاح الحال وتسهم في عودة الحياة لطبيعتها وتعتمد عليها حتى المحليات والوزارات في ظل عدم وجود ميزانيات مرصودة حتى الآن.
خلال فترة وجود التمرد في الولاية، خسرت الجزيرة الكثير من المرافق وخرجت من النظام الصحي للدولة -كما علمنا من وزير الصحة بالولاية- وهو ما أدى لتأثر ما حولها من ولايات، لأن الجزيرة ولاية وسيطة تقدم خدماتها “للغاشي والماشي”.. وقد رأينا من قبل أنها تستقبل المرضى من كل ولايات السودان بما فيها الخرطوم خاصة في مراكز غسيل الكلي ومستشفى الذرة.
ولا ننس أن جزيرة الخير تملك أكبر مشروع زراعي تعرض لتخريب المليشيا الحاقدة، وقد بدأت خطوات مقدرة لأعادة إعماره سريعا، وسنعود للكتابة عن المشروع الذي يستحق الكثير من المساندة الإعلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى