
صندوق دعم الطلاب.. تحدي العودة بعد “حربين ضروس”!
عبد الله بشير
سجل وفد من الإعلاميين زيارة إلى مقر الصندوق القومي لدعم الطلاب بولاية الجزيرة للوقوف على حجم الدمار والسرقات التي تعرضت لها المجمعات السكنية المنتشرة بمدن الولاية، والتي تبلغ 76 مجمع تستقبل أكثر من 30 ألف طالب وطالبة.
من خلال العرض الوافي الذي قدمه الامين العام للصندوق بالجزيرة ميرغني البطحاني، وما وقفنا عليه ميدانيا، تغيرت في ذهن كاتب العمود كثير من الانطباعات التي رسمت عن الصندوق نفسه وأداءه.. ويكفي ان نقول أننا وجدنا مجموعة من الشباب يعملون ليل نهار في صمت، ويسابقون الزمن قبل عودة الجامعات لترتيب الأوضاع، فمنذ فترة يتحرك القائمون على امر الصندوق بين محليات الولاية رغم سرقة معظم المتحركات واتلافها، لحصر الضرر والعمل على تتبع ما فقدته المجمعات والعمل على ارجاعه.. وبحفظ الله ظلت هذه المفقودات داخل الولاية، كما ان مباني المجمعات ظلت سليمة ولم تتعرض للهدم أو الضرر الكبير، عزيمة وأصرار شباب الصندوق مكنت من ارجاع معظم ما تم فقدانه، ومن بين 6000 سرير تم ارجاع حوالي 4000 وكذلك 65% من الأثاثات المنهوبة، فيما فقد الصندوق أجهزة غالية الثمن مثل أجهزة فحص المياه ومعدات الوحدات الطبية.
علاوة على ذلك وضع هؤلاء الشباب تحدي تجهيز 70% من المجمعات في غضون شهر واحد فقط.. لتستقبل الطلاب بصورة لائقة تمكنهم من التحصيل الأكاديمي في بيئة سكنية مواتية.
الآن يعود الصندوق للقيام بدوره بعد الخروج من حربين.. ودعوني أبدأ بالثانية وهي حرب المليشيا التي استهدفت حياة الناس وتعمدت تخريب البنية التحتية، لكن السودانيين يملكون العزيمة التي تمكنهم من إعمار ما تم تخريبه والعودة بأفضل ممكن كان.
اما الحرب الأولى التي سبقت الثانية واستمرت ثلاثة أو أربعة اعوام فهي حرب “قحت” التي حاولت هدم صرح صندوق دعم الطلاب، لا بالمدافع والهاونات بل بتغيير السياسات التراكمية التي وضعها الصندوق، من واقع خبرة أكثر من ربع قرن.. مع إهمال الدور الأساسي في خدمة الطلاب.. فقد رأينا كيف ان المجمعات طالها الإهمال وأصبحت مكبا للأوساخ بعد أن اهملت النظافة والقيام بالأعمال الخدمية الروتينية في ظل الإنشغال بسياسة “الحفر” وفصل الكوادر الذين قام الصندوق على أكتافهم ومن بينهم الأمين العام الحالي بولاية الجزيرة البطحاني، الذي سلك طريق القانون وعاد لعمله بقرار من المحكمة التى وجدت ملفه “صاغ سليم” بدءا من تعيينه بواسطة لجنة الإختيار وتدرجه في العمل وفق قانون الخدمة..
سنوات عجاف في عهد “قحت” مرت على الصندوق اوقفوا خلالها الصرف على الداخليات وأحالوها خرابا واوجدوا شلليات من المؤيدين لهم بالمجمعات لتتولى زمام الامور لكنها فشلت في خدمة الطلاب.. ووصل الحال بأحد مدراء الصندوق السابقين ان يتوعد بتشريد المشرفين على المجمعات، وإصدار أحد مدراء الجامعات لتوجيه بإلغاء قرار حضور الطالبات للسكن قبل الساعة السادسة مساء ليترك لهن حرية الحضور في أي وقت من الليل، قائلا: “مالكم ومالهن.. إنتو أولياء أمورهن!”.. فالحمد لله الذي أذهب أذى هؤلاء عن الصندوق.
ما يحمد لصندوق دعم الطلاب خلال مسيرته الطويلة-بإستثناء السنوات العجاف طبعا- انه ظل بعيدا عن السياسة، وقدم خدماته للطلاب باعتبارهم سواسية، دون النظر عن انتمائهم السياسي، وهو المنهج الذي من المهم ان يستمر..
وهنيئا للطلاب في ظل وجود هذه الكوادر التي تهئي الظروف لراحتهم رغم المصاعب الكبيرة.