رأي

أصل القضية/ محمد أحمد أبوبكر… حين تحتار الشعوب وتخون النخب

من سلسلة الجسر والمورد

> ❝وعزتي وجلالي لأدبّرن الأمر لمن لا حيلة له حتى يتعجب أصحاب الحيل❞ — حديث قدسي

هذه ساعة الحقيقة،

فإما أن نمتلك مفتاح بناء جسورنا بأيدينا، أو نُحاصر كمورد يُستهلك على جسور الغير، تُساق أرواحنا وأحلامنا كما يُساق القطيع إلى المذبح.

افتح عينيك على الخريطة:

من سواحل الأطلسي اللامتناهية، إلى أحضان البحر الأحمر، ومن رمال الصحراء المتحركة إلى ظلال الغابات الكثيفة… هناك، في مركز القلب النابض، يقف السودان — حيث يلتقي النيلان، حيث تنصهر دماء العرب والأفارقة في بوتقة واحدة، حيث تكمن الروح والهوية.

لكن، أين نحن من هذا المشهد؟

هل نحن بنّاؤو طرقنا ومهندسو مصيرنا؟

أم أننا مجرد قطع على رقعةٍ يحركها الآخرون؟

داخل اللعبة وخارجها

لم يولد الداخل ضعيفًا، بل تعرّض للتآكل الخفي، كما تنهار القلاع حين تتسلل المياه إلى أساساتها في صمت، لا يكتشفها الحراس إلا بعد فوات الأوان.

أما الخارج، فهو ليست ساحة سلام أو تعاون، بل مسرح مآسي، حيث تُباع الأوطان، وتُوزع الشعوب، ويُبرم القادة صفقاتٍ على ظهورها.

الخصم لا يحتاج إلى مواجهة مباشرة، يكفيه أن يشغلك بحركاتٍ صغيرة، حتى تنسى أن الملكة تستهدف وتُسقط.

الخيانة بصيغة الابتسامة

لا تصرخ بالرصاص، بل تهمس بالقلم،

لا تُشهر السلاح، بل تبتسم بمكر،

تتبنّى أسماءً براقة: “مشروع وطني”، “شراكة استراتيجية”،

لكنها في الواقع، فتحت أبواب النهب وشراء الصمت.

ومع كل ذلك، يبقى شيء لا يُقاس ولا يُشترى:

ذاك الحبل السري الذي يربط الشعوب بعلمها حين تضيق عليها الأرض، وتشتد العواصف، حتى لو تباينت ألوان ذلك العلم بالأمس.

الجسر والمورد: نهران لا ينضبان

■الجسر: وعي مستمر يمتد عبر القارات، يربط الأقدار لا المصالح العابرة.

■المورد: الإنسان، العقل، الإبداع، القوة التي لا تذبل ولا تُباع، بل تزدهر حين تحرسها إرادتنا.

ثلاث مفاتيح لتحرير الوطن

1️⃣ الموارد ملك للشعب، لا أداة بيد المانحين.

2️⃣ الاقتصاد يبدأ من القاعدة، من كل قرية وحارة، حتى تصبح الحاجة سلعة من صنع أبناء الوطن.

3️⃣ جبهة وعي تجمع ولا تفرق، تُعلي المصالح الوطنية فوق كل الولاءات الضيقة.

> الآن، وليس غدًا، من يملك هذه المفاتيح يملك مفصل المستقبل.

السودان: موجة لا تُوقف

سقوطه يعني قطع جسور العروبة وإفريقيا، ونهوضه يُعيد تشكيل المعادلات والمصالح.

كل لحظة صمت تسمح لهم بالتقدم، وكل لحظة عمل تُحرر أرضنا ومصيرنا.

السيادة لا تُمنح، بل تُنتزع بقوة الجماهير

عندما يتوحد الشعب، تتساقط الأقنعة وتتفتت المكائد،

وهنا نصيحتنا التي نعاهد الله أن نتمسك بها حتى نفنى:

جيش واحد، شعب واحد، قلب واحد،

بندقية تحمي، وعقل يبني،

وطن لا يُفتح إلا بأيدي أبنائه.

نداء لا يحتمل التأجيل

اليوم، هذه لحظتنا لتأسيس “الجسر والمورد” بأيدينا،

أو أن نكون المورد الذي يُستهلك على جسور الآخرين.

أصل القضية: نداء نطلقه ليتتردد في أصداء التاريخ

السودان ليس بقعة عابرة على الخريطة،

بل قلب ينبض في عمق الزمن والمكان،

هو الممر بين الحلم والواقع، الإرادة والمصير.

وقوفك على ضفاف النيلين يعني الوقوف عند مفترق طرق:

إما أن تعبر إلى المجد،

أو تُساق كغريقٍ في تيارٍ لا رحمة فيه.

وإذا كانت للأنهار ذاكرة، فالنيلان يحفظان دائمًا:

هنا الطريق لنا، والجسر لنا، والمورد لنا،

ومن أراد العبور، فليبني على شروطنا… لا شروطه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى