رأي

أصل القضية/ محمد أحمد أبوبكر.. السودان… المجتمع جسر الامان ومورد البناء

| من سلسلة الجسر والمورد

“الأزمات تكشف الوجه الحقيقي للمجتمع، بين هشاشة الظاهر وصلابة الداخل.”

السودان يواجه اليوم تحديات متعددة الأبعاد: توترات اجتماعية، ضغوط اقتصادية، ونزاعات محلية متعددة. لكن ما يميز المشهد السوداني ليس حجم المخاطر، بل القدرة الجماعية للمجتمع على التوازن، إدارة التوتر، وتحويل التحديات إلى فرص للتماسك والتعاون.

الصراع كإشارة وليس كقوة مدمرة:

في كثير من الأحيان، يظهر الصراع الاجتماعي كنتيجة طبيعية لتنافس الجماعات على الموارد، الهوية، أو الحقوق. هذا الصراع، إذا وُجه بحكمة، لا يصبح أداة تدمير بل مرآة لفهم الاحتياجات، وضبط العلاقات، وتعزيز التنسيق الاجتماعي.

من العدوان إلى الإبداع الجماعي:

●الخبرة السودانية في مواجهة الأزمات تظهر أن المجتمع قادر على توجيه أي توتر أو عدوان داخلي نحو إنتاج حلول عملية: المبادرات التطوعية، شبكات الدعم المحلي، والعمل المشترك بين المواطنين والمجتمعات القريبة. بهذا يتحول الانفعال إلى فعل إيجابي، والخطر إلى فرصة.

●الروابط الاجتماعية كشبكة أمان

●الهوية المشتركة، الروابط الأسرية، والانتماء للمجتمع، تعمل كمرساة تمنع الانزلاق نحو العنف العشوائي، وتوفر أرضية متينة لتقوية التماسك الوطني. المجتمع بهذا يصبح مصدرًا للأمان الجماعي وداعمًا لكل جهود الدولة والمشاريع التنموية.

صمود المجتمع ومكافحة الفساد:

ليس الأمان الجماعي مجرد شعور بالاستقرار، بل يمتدع ليشمل الحفاظ على الأمانة ومواجهة الفساد. فالقيم المجتمعية، والوعي الجماعي، والتفاعل المدني، هي التي تضمن أن تبقى الموارد والحقوق في المكان الصحيح، وأن يتحول كل نزاع أو خلاف إلى فرصة لترسيخ النزاهة والشفافية. المجتمع السوداني، عندما يحافظ على هذه الأمانة، يصبح شريكًا حقيقيًا للدولة في محاربة الفساد وحماية مصالح الوطن.

تحويل التحديات إلى طاقة بناء:

التحديات اليومية، من ندرة الموارد إلى الأزمات المحلية، يمكن أن تتحول إلى محرك للتعاون والإبداع، إذا ما تضافرت جهود المواطنين، ودعمتها السياسات العامة. المجتمع السوداني أثبت مرارًا قدرته على خلق نظم بديلة، وتفعيل المبادرات، واستثمار الموارد الذاتية لتحويل المخاطر إلى فرص للتنمية.

خارطة عمل مبنية على المجتمع:

●الحوار المجتمعي المستمر: تعزيز منصات لتسوية النزاعات قبل أن تتفاقم.

●تمكين المبادرات الشعبية: دعم شبكات العمل الأهلي لضمان استمراريتها وفاعليتها.

●تعزيز القيم المشتركة: نشر ثقافة الانتماء والتعاون لاحتواء النزاعات وتقوية الروابط الاجتماعية.

●الشراكة مع الدولة: تحويل المجتمع من متلقي إلى شريك فاعل في صياغة وتنفيذ الحلول.

●حماية الأمانة ومكافحة الفساد: استثمار الوعي المجتمعي لضمان الشفافية والنزاهة في كل الجوانب الاقتصادية والإدارية.

●توجيه الطاقة الجماعية نحو البناء: الاستفادة من صمود المجتمع وإبداعه لتحويل التحديات إلى مشاريع تنموية مستدامة.

السودان اليوم ليس فقط ساحة للأزمات، بل مختبر لإظهار قوة المجتمع وذكائه في إدارة التوتر، صيانة التماسك، ودعم مسيرة الدولة. المجتمع هو المصدر الحقيقي للأمان، وحارس الأمانة، ورافعة لكل جهود البناء والتنمية.

سؤال #أصل_القضية: كيف يمكن للسودان أن يستثمر هذه القدرة المجتمعية الفطرية في تعزيز التنمية، حماية الأمانة، واستقرار الوطن على المدى الطويل؟.

-باحث بمركز الخبراء للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى