رأي

أصل القضية.. محمد أحمد أبوبكر… اختلال العالم… ولماذا نحتاج إلى CODAS؟

من سلسلة الجسر والمورد

> “العالم حين يختل، لا يعود السؤال: ماذا يحدث؟ بل: أي معيار بقي ليُحتكم إليه؟”

منذ أن كتب أمين معلوف اختلال العالم، كان ينبه إلى تآكل المعايير الكبرى. وها نحن اليوم نعيش فصولها: غزة تُحاور تحت القصف، السودان تُدار حربه بالوكالة، والسيادة تُستباح بينما القانون الدولي يتجمد في بيانات باردة. كل شيء بات مرهونًا بميزان القوة والمال.

السودان… اختبار السيادة في زمن الوكالات

في أعقاب القمة العربية والإسلامية الطارئة بالدوحة، أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان:

“السودان ليس طرفًا في بيان الرباعية، وليس من الأعراف الدولية ولا من القانون أن يُناقش شأن سيادة دولة في غيابها.”

هذا التصريح ليس مجرد رفض بروتوكولي، بل مرآة لاختلال أعمق: كيف تتحول دول كبرى وإقليمية – السعودية، مصر، الإمارات – إلى أطراف تصوغ مستقبل السودان في غيابه، بينما الإمارات تحديدًا فاعل أصيل في الحرب بدعمها المالي والعسكري.

ماما أميركا… وصاية مقنّعة

واشنطن من جانبها أعادت إنتاج وصايتها تحت شعار “القرار الدولي”، محاولة ضبط ميزان النفوذ مع تمدد روسيا في الخرطوم. لكن وفق رؤية الجسر والمورد، السودان ليس رقعة شطرنج بين موسكو وواشنطن، بل جسرٌ لتوازن جديد، وموردٌ لإعادة تعريف السيادة.

CODAS… تحالف يملأ الفراغ

في هذا المشهد يظهر البديل: CODAS – Coalition of Dignity for African Sovereignty، أو تحالف الكرامة للسيادة الإفريقية.

CODAS ليس بديلًا بيروقراطيًا للجامعة العربية أو الاتحاد الإفريقي، بل مشروع ضمير وسيادة، وُلد من رحم الفراغ الذي صنعه عجز المؤسستين.

ثلاث كلمات تختصره: تحالف من أجل الكرامة، بالكرامة، وللسيادة.

مرتكزاته:

١. منصة استخباراتية سيادية: بنك معلومات للأزمات والموارد والهجرات، بعيدًا عن المانحين الأجانب.

٢. صندوق سيادي مشترك: يبدأ من السودان وتشاد بمشاريع زراعية ومائية، بتمويل وطني لا قروض مشروطة.

٣. حاضنة قادة المستقبل: مدرسة فكرية وسياسية لإعداد جيل جديد على نهج “الجسر والمورد”.

لماذا السودان؟ ولماذا الآن؟

لأن السودان تحوّل إلى مختبر فاضح لفشل النظام العربي والإفريقي والدولي:

●11 مليون نازح في عام واحد.

●تهديد وجودي للعاصمة والدولة.

●غياب أي مبادرة جادة من النخب السياسية.

من هنا يصبح السودان نقطة الانطلاق الطبيعية لـ CODAS: ليس بقرار الحكومات، بل عبر المجتمع وقواه الحية، تمامًا كما فعلت حركات التحرر قبل الاستقلال.

قلنا من قبل .. قيامة السودان ستبدأ من الفاشر:

وسط هذا المشهد المضطرب، يبرز نموذج مختلف: اللجنة الوطنية لفك حصار الفاشر، التي دشنت أعمالها اليوم.

هذه المبادرة ليست مجرد جهد إنساني، بل تُقرأ في علم العلاقات الدولية كأحد أنصع تجليات القوة الناعمة:

●قدرة المجتمع على بناء التضامن رغم الحصار.

●تقديم بديل أخلاقي وإنساني حين تفشل المؤسسات الرسمية والدولية.

●إعادة تعريف دور الشعب كفاعل مباشر في صياغة السيادة.

■وفق رؤية الجسر والمورد، مثل هذه المبادرات هي بذور لإعادة بناء الشرعية من القاعدة، وإشارات أن السودان لا يزال يملك “رأسماله الرمزي” الذي يُعيد صياغة مكانته بين الأمم.

من الاختلال إلى إعادة التوازن:

●النفوذ الإماراتي، كما غيره من النفوذ الخارجي، ليس قدرًا محتومًا، بل اختبار سيادي. وCODAS ليست حلمًا طوباويًا، بل استجابة عملية لفراغٍ صنعه العجز الرسمي.

●حين يُكبل الرسمي، يتكلم الضمير.

حين تُغلق المؤسسات، تنفتح العقول الحرة.

وحين تُكسر الدول، تُبنى الأمم من جديد… عبر تحالفات حية، لا بيانات ميتة.

سؤال #أصل_القضية للقارئ الكريم:

هل نملك – شعوبًا ونخبًا – الشجاعة لإطلاق CODAS كتحالف للكرامة والسيادة، وتوسيع مبادرات القوة الناعمة مثل لجنة فك حصار الفاشر، لنبرهن أن السيادة تبدأ من المجتمع قبل الدولة؟.

– باحث بمركز الخبراء للدراسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى