
النفط السوداني.. و”الضُراع” الروسي
عبد الله بشير
انصرفت انظار الإعلام الغربي عن قضية إنشاء قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر السوداني إلى تسليط الضوء على الاتفاقات الموقعة بين الخرطوم وموسكو خلال اسبوع الطاقة الروسي والتي بدأت تتكشف تفاصيلها شيئا فشيئا..
فالاتفاق الذي نورد تفاصيله في هذا العدد من الصحيفة، يشمل التعاون في مجالات الإنتاج وتطوير البنية التحتية للطاقة، في خطوة تشكّل بداية مرحلة جديدة لإحياء قطاع النفط والكهرباء في البلاد.
الاتفاق يشمل زيادة إنتاج النفط من الحقول القديمة، والدخول في استثمارات جديدة، خاصة ان السودان لم يستغل أكثر من 20% من احتياطاته النفطية.
الاتفاق نص على “توفير الحماية للأصول النفطية” وهي الفقرة التي توقف عندها الإعلام الغربي وأثارة تساؤلاته حول إمكانية نشر قوات روسية، وهنا أكد وزير النفط أن هذه الحماية ستكون تقنية.. واضيف من عندي أنه (ربما ستدخل فيها تقنية الذكاء الصناعي واستخدام الروبوتات).. لكن مالنا وانزعاج الغرب، فالسودان تحرك في الاتجاه الصحيح لإحياء صناعة النفط التي وصل الإنتاج فيها ذروته قبل انفصال جنوب السودان إلى 350 ألف برميل يوميا، قبل أن يفقد السودان ثلاثة أرباع قدراته الإنتاجية بعد الانفصال. ولاحقا انخفض الإنتاج إلى نحو 150 ألف برميل يوميا، ثم تراجع أكثر لعدم تطوير الحقول، وتراجعت معه العائدات ورسوم عبور نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية إلى ميناء بشائر على البحر الأحمر.
وقبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل كان السودان ينتج نحو 60 ألف برميل يوميا، لكنه تدهور إلى أقل من 40 ألف برميل. ومع امتداد نيران الحرب إلى الحقول في غرب البلاد، وصل الإنتاج حاليا إلى 21 ألف برميل يوميا، مع توقعات بانخفاض جديد إذا أُغلق حقل هجليج.
هذه الأرقام جاءت في تقرير عن واقع صناعة النفط في السودان، أورده الأستاذ الصحفي النور أحمد النور الشهر الماضي ونشره موقع الجزيرة نت، استنادا إلى تقرير رسمي..
كان لابد للسودان أن يتحرك في اتجاه ايجاد شريك قوى ليقوى به عود اقتصاده المنهك، وفقدان عائدات مقدرة بسبب الاعتماد على الذهب وحده، والذي اسهمت الحرب في تهريب كميات كبيرة منه بواسطة مليشيا الدعم السريع في المناطق التي تتواجد فيها.
عين السودان بصيرة بحال حقول البترول التي قامت المليشيا بتخريبها وايقافها عن العمل وكذلك تخريب مصافي التكرير، لكن اليد قصيرة في إحداث إصلاح شامل يكفينا شر الصرف على استيراد المواد البترولية والغاز.
تقرير الاستاذ النور يقدّر أن إعادة تأهيل قطاع بعد الدمار الذي لحق به خلال الحرب ستكلف 5 مليارات دولار، بعد أن أدى تدني الإنتاج طوال الفترة الماضية إلى فقدان حوالي 7 ملايين برميل نفط خلال عامين من الحرب.
الانطلاق نحو الأمام والتفكير نحو المستقبل يحسب لحكومة الأمل وتحركات مجلس السيادة، فالروس الآن قادمون للعمل بما يملكون من خبرة وامكانات وقوة نفوذ، بعد ان أدت الضغوطات في الماضي لخروج كبرى الشركات العالمية من سوق البترول السوداني..