رأي

مبادرة كامل.. “أخير من قُعاد ساي”

عبد الله بشير

المثل السوداني في العنوان بين الأقواس يصلح لوصف المبادرة التي طرحها د. كامل إدريس في جلسة مجلس الأمن الأخيرة بشأن الوضع في السودان، وذلك من عدة منطلقات أهمها أن لا أحد يملك رؤية وقدرة كاملة على وضع سيناريو الفصل الأخير في الحرب التي تشهدها بلادنا، مع تعدد الرؤى والتقاطعات الإقليمية وحتى الداخلية في كيفية تحقيق السلام الذي يبدو حلما قريب المنال من واقع رغبات وأمنيات الحكومة ودول العالم المتعاطفة معنا، وهو كذلك حلما لا يبدو في متناول اليد مع وجود طرف مدعوم بأدوات خارجية يواصل الحرب ضد المدنيين ويصر على توسيع دائرة استهدافهم وتهجيرهم.

لقى رئيس الوزراء ومبادرته هجوما كاسحا من الإعلام الداخلي، وحكموا على جهوده بالفشل قبل أن يتضح أثر وتأثير المبادرة على المشهد المعقد.. فرئيس الوزراء خاطب المجتمع الدولي بلغة حكومة مدنية لها نوايا صادقة في وضع حد للحرب مع رغبة تواقة في سلام حقيقي يجلب الإستقرار السودان..

مارس رئيس الوزراء تنويعا هادئا في التناول لقضية السودان، وإن كان قد شمل نفس المواقف التي ظلت ترددها الدولة وهي الحرص على السلام.. تجميع المقاتلين وضرورة المساءلة.. ظلت الحكومة تستخدم أسلوب المواجهة بالحقائق ومحاولة إفهام المجتمع الدولي أنها الطرف المسؤول أخلاقيا عن رد العدوان عن شعبها، وأن عليه أن يقوم بدوره في حماية المدنيين، وما وجدت الحكومة فرصة او منبرا إلا عرضت فيه الأدلة والبراهين على أن المليشيا هي الطرف الذي يقصف المدنيين ويسعى لطردهم من مناطقهم، كما أنها اجتهدت في إثبات أن الأمارات من يقف وراء مخطط تفتيت السودان.. وحتما فإن المجتمع الدولي يعرف وربما أكثر مما تعرف الحكومة نفسها، لكنه ظل يدعي العاجز ولم يتحرك حتى لتنفيذ قراراته التي أصدرها.. ولو ضرب رئيس الوزراء على منصة مجلس الأمن بنعله أو طالب بعدم حضور مندوب الامارات للجلسة فإنه في الواقع لن يغير من مواقف الدول الإنتهازية العظمى شيئا..

خلال مقابلة شبكة “CNN” سألت مذيعة الشبكة رئيس الوزراء كامل إدريس سؤالا مهما: لماذا ينبغي على المجتمع الدولي دعم إطاركم بدلًا من إطارهم؟.. في إشارة إلى الإطار الذي وضعته اللجنة الرباعية أو”الثلاثية كما تراها الحكومة” وإطار المبادرة “محلية الصنع” التي طرحها رئيس الوزراء خلال مخاطبته جلسة مجلس الأمن حول السودان…

أجاب رئيس الوزراء بأن المبادرة الوطنية تُنشئ تكاملًا وتناسقًا مع المبادرة الثلاثية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ومصر، مع الدول المحبة للسلام، والتي تحظى بدعم كامل من الحكومة السودانية. وقال إن ما نقوم به الحكومة هو تعزيزها وتكميلها، وتقديم معلومات لتشجيع المجتمع الدولي على الانخراط…

طرح كامل إدريس محاولة لإحداث إختراق من زاوية جديدة في اتجاهات الحلول، وبالطبع فإن خيوط اللعبة داخليا لا تتجمع في يده وحده، كما ان ملف تحديد الخطوات اللاحقة للتعامل مع الحراك الإقليمي لجلب السلام مسؤولية مؤسسات الدولة مجتمعة، ولا تتعلق بفرد أو مجموعة مستشارين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى